بقلم :الدكتور السيد الغمري الأستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر
نحتفل في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام بالْيَوْمَ العالمي للغة العربية التي أختارها الله لتكون الخطاب الأخير من السماء إليّ أهل الأرض تحمل كلماتها النور والهدي فقال سبحانه “وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * علي قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين “.
تعد اللغة العربية إحدي اللغات التى تتربع علي عرش الألسنة واللغات في العالم المعاصر،حيث تتبوءاللغة العربية المرتبة السادسة بين لغات العالم،ومن حيث عدد المتكلمين بها حول العالم،ومن حيث تواجدها في ميدان العلم والحضارة والكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والإنترنت،بعد الإنجليزية والفرنسية والألمانية والألمانية والروسية ثم اللغة العربية،وإن لغة إختارها الله لكتابه الخالد ألا وهو القرأن الكريم لحري بها أن تتبوء أرفع وأفضل المنازل علي مستوي الحضارة الإنسانية،وصدق الشاعر إذ يقول:
انطق بها إن كنت تزعم حبها أجمل بها شهدا علي الأسلات! واكتب بها فى كل أمر يا أخي أحسن بها زهرا علي الصفحات ! كم كاتب عنها وكم متحدث لكن بها ذا مسبل العبرات وتكمن أهمية اللغة العربية في كونها ضرورة دينية حيث أن القرآن الكريم والحديث النبوي باللغة العربية، ولا يمكن فهمهما فهما صحيحا إلا بها،وضرورة علمية،فالعلم الشرعي لا يحصل إلا بتعلمها ،يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه أصول الفقه: ” اتفق علماء الأصول على ضرورة أن يكون المجتهد على علم باللغة العربية، لأن القرآن عربي، ولأن السنة التي هي بيانه جاءت بلسان عربي،وضرورة اجتماعية للتواصل مع أفراد المجتمع والأمة العربية شفاهة وكتابة،وضرورة وطنية لمعرفة تاريخ الوطن وجغرافيته وما يروج فيه أو يحاك ضده،وضرورة قانونية لمعرفة الحقوق والواجبات العامة والخاصة،وضرورة إنسانية لنقل المعارف المتعلقة بثقافتنا وحضارتنا وتراثنا وديننا إلى الإنسانية جمعاء،وضرورة عقلية حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “تعلموا العربية، فإنها تشبب العقل، وتزيد في المروءة ” فالعربية بأساليبها البيانية والبلاغية الجميلة، لغة شاعرية تعلم الإحساس بالجمال والذوق الرفيع، والتعبير عما في الوجدان من مشاعر وعواطف . غير أن اللغة العربية تواجه الأن بين أهلها انكسارا وخزلانا وذلك نتيجة طغيان اللغات الأجنبية عليها في مراحل التعليم المختلفة كما في المدارس الأجنبية،والطب والهندسة والعلوم والصيدلة،…..الخ،وفي بعض وسائل الإعلام التي تصر علي إستخدام بعض الألفاظ الأجنبية في ثنايا الكلام العربي مما يعد إخلالا واضحابقواعد اللغة،ولعل المشهد يتضح أكثر مما نراه من قيام البعض باستخدام الفاظ عامية عند كتابة لافتات المحلات التجارية مما يؤدي لإنحسار اللغة العربية بين إهلها،وقد عبر ذلك الشاعر حافظ إبراهيم بقوله: وسعت كتاب الله لفظاً وغــايــة وما ضقت عن آيٍ به وعظـــــات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة أو تنسيـــق أسمـــاءٍ لـمخترعات أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي كما أن اللهجة العامية تحاصر اللغة الفصحى في كل جوانب الحياة،ولهذا أضحي العرب لا يفهمون شعرهم ولا قرأنهم ولا أحاديث نبيهم ولا كتب السابقين والمحدثين،وراحوا يرمون اللغة بالعجز عن استيعاب معطيات العلم والحضارة ومصطلحات العلوم والفنون بدلا من أن يصلحوا من أحوالهم ويسهلوا لغتهم للأجيال القادمة وبحثوا عن شماعات يعلقون عليهاضعفهم وعجزهم في كثير من مجالات العلم والحضارة. وعلى ذلك فإننا نوصى بضرورة تسهيل تعليم اللغة العربية وتعريب العلوم في مختلف المجالات العلمية والتوسع في حركة الترجمة ومتابعة الجديد فى كل مجالات العلم والحضارة والتقليل كلما أمكن من إنشاء المدارس والجامعات التي لا تحترم كيان اللغة العربية الشامخ ولا تحترم قدرتها الرائعة علي استيعاب مختلف الفنون والعلوم والمعطيات الحضارية المتنوعة. أيها العرب “إنتبهوا إلى لغتكم وحافظوا عليها حتي لا تضيع هويتكم ومصدر عزتكم،كما ضيعت أشياء أخري !!! يا ناطقي اللغة الفصحى وقادتها الا بدرا فإن الوقت من ذهب ردوا إلي لغة القرآن رونقها فمن لها غيركم يا أمة العرب ……… وللحديث بقية ،،،،،،،،