كتب : بشير حافظ
في الساعة الـ 7 صباحا تستيقظ فايزة عبدالسلام عبدالرحيم، 50 عامًا، للذهاب إلى مقر وكالة الكابتن وائل، لشراء كمية من التين تعادل 150 جنيها، مكونة من قفصين من الغاب متجهه إلى سوق أبو كبير وهو أقرب مكان للوكالة لبيع جزء منها وتخفيف الحمولة على رأسها للإنطلاق فيما بعد إلى جولة تطوف بها كل المدينة من الثامنة صباحًا حتى 8 مساءً تنادى بصوت عال: “يا لوز يا تين” كى تحصد فى نهاية اليوم ما لا يتخطى 100 جنيه تنفق من خلالها على أم مسنة مريضة وشاب عاطل وتساعد ابنتها المتزوجة منذ عامين.
هذا بالإضافة إلى مراعاة أحد أقاربها من الدرجة الأولى المريض فى أحد المستشفيات، والتى رفضت الكشف عنه حتى لا يعايره الناس بمرضه.. سطور بسيطة لخصت حياة إحدى السيدات المعذبات فى الأرض.
ثوان معدودة جلعت السيدة أحد أشهر السيدات فى مصر بعد تصوير مقطع فيديو لم يتخط الدقيقتين تبكى فيه بعد قيام أحد موظفين مجلس مدينة أبو كبير بكب الماء على وجهها، وعلى التين الخاص بها بسبب عدم قدرتها على سداد 3 جنيهات قيمة “أرضية” أو “إتاوة” معلل ذلك بأنه لم “تستفح حتى الآن ومطالبة إياه بالذهاب بجولة وأخذ الأموال خلال العودة”.
ولم تشفع دموع تلك السيدة المسكينة كى يتنازل الموظف عن أرضيته أو إتاوته فأخذ منها السكين التى تقشر بها التين وذهب لتلاحقه فى السوق باكية “أبوس إيدك ياباشا هات السكينة” حتى قام شاب من المارة بدفع الـ 3 جنيهات وتقبيل رأس السيدة المسكينة وإعادة السكين إليها مرة أخرى.
” عيون الشرقية الآن” أجرت أول حوار مع السيدة فايزة عبد السلام عبد الرحيم.. إلى نص الحوار
بداية إحكي لنا تفاصيل واقعة الإعتداء عليكيِ؟
أنا قمت بشراء التين والذهاب إلى سوق أبو كبير كعادتي كل يوم، لكننى فوجئت بموظف بمجلس المدينة يطالبنى بمبلغ 3 جنيهات أرضية، لكننى لم يكن معى أى نقود فطالبته بالذهاب بجولة لباقى البائعين والعودة لى مرة أخرى حتى أبيع بالمبلغ وأعطيه إياه، لكنه رفض وقام بكب الماء على وجهى وجسدى وعلى التين الذى أبيعه.
وتابعت: “لم يكتف بذلك لكنه أخذ السكين منى كى لا أتمكن من تقشير التين وبيعه فظللت ألاحقه فى السوق وأبكى حتى قام أحد الشباب بدفع ال3 جنيهات وقبل رأسى وأعاد السكين إلي مرة أخرى.
هل توقعتِ إنتشار الفيديو بهذا الشكل؟
لا، لم أتوقع انتشار الفيديو بهذا الشكل، ولم أنتظر رد فعل من المسؤولين، لكننى فوجئت باتصالات من صحفيين ومسؤولين فى المحافظة مشكورين جميعًا، حقيقة لم أتوقع كل هذا الاهتمام ، كذلك زارتنى فى بيتى النائبة زينب سالم، عضو مجلس النواب ووعدتنى بتوفير معاش شهرى من وزارة التضامن وكذلك فتح كشك فى المدينة لأسترزق منه.
أين زوجك وأولادك وكيف علموا بالواقعة؟
زوجى هجرنى بعد قرابة 3 أعوام من الزواج، ورزقنى الله ببنت وولد، الأولى 22 عاما ومتزوجة، والثانى ولد 21 عاما وحاصل على دبلوم صنايع، لكنه لا يعمل مضيفه “إحنا ناس غلابة هنعمل إيه يعنى.. الحمد لله”.
أين تقيمي ومع من؟
أنا أعيش مع أمى، وابنى الوحيد، فى منزل بسيط اشتروه لى أهل الخير عن طريق جمع التبرعات.
كيف يبدأ يومك؟
أنا أستيقظ كل يوم فى الساعة 7 صباحا أحضر الفطار لأمى التى تعيش معى ثم اشترى التين من التجار وأذهب إلى السوق أبيع بعض البضاعة كى أخفف الحمولة عن رأسى لأننى أجريت عملية فى الرحم مؤخرا وغير مسموح لى حمل أشياء ثقيلة ، ثم أطوف فى كل شوارع المدينة حتى ينتهى أذان العشاء وينتهى اليوم وأعود للمنزل مرة أخرى وكل يوم يتكرر هذا الأمر.
كم يصل مكسبك فى اليوم الواحد؟
100 جنيه، أكسب فى اليوم كله 100 جنيه بحد أقصى أنفق منه أنا وأمى وابنى الشاب.
هل تعملين عمل آخر؟
نعم، أنا أعمل بالأجرة اليومية عند الفلاحين، وكذلك فى المنازل عند بعض الناس.
ما طلباتك من الدولة؟
لا يوجد لى طلبات فاهتمام الدولة والسؤال عنى بهذا الشكل هو أكبر اهتمام وحب وتقدير وياريت تسألوا عليا على طول.