بقلم أ.د/ عبد رب الرسول سليمان محمد أستاذ التربية الإسلامية بجامعة الازهر الشريف بدات قضيه الحوار بين الحضارات وبخاصة الحضارة الاسلاميه تطرح نفسها بقوه في الأونه الأخيرة بعد تفرد المعسكر الغربي بقياده العالم وأعلمه مفكروه أن نهايه التاريخ آتية لا ريب فيها وأن تلك النهايه سيسبقها صراع حتمي بين الإسلام والغرب. ويعتبر الحوار مع الأخر على المستوى الحضاري من المطالب الإسلاميةالحيوية لأن رسالة الاسلام عالمية تستهدف إستنقاذ البشرية جمعاء وتبليغ دين الله إلي أرجاء العالم كافة بأحسن الوسائل وأفضل السبل،ومراعاة أداب الحوار والجدال مع الاخر وهذه قاعدة أساسية من قواعد وأسس الحوار في الإسلام . ولا ريب أن التواصل والتفاعل الثقافي بيننا نحن العرب والمسلمين وبين الغرب بات أمرٱ ملحا لما تقتضيه ظروف العصر ولما تتطلبه التغيرات والتحولات الدولية المتسارعة و المتلاحقة التي يشهدها العالم المعاصر و هذا الأمر أصبح ضروريا ولا يمكن لعاقل أن يدعو للإنزواء والإنغلاق خصوصا في هذا العصر الذي تحول فيه العالم إلى قرية صغيرة بفضل وسائل الاتصالات و هذا التواصل مبدٱ تربوي إسلامي أرساه المسلمون الاوائل وطرقوه واستوعبوا ثقافات الأخرين و استطاعوا أن ينتقوا ويقيموا ثقافات الأخرين بوعي وبصيرة وحس إسلامي. إن مبدأ التواصل مع الأخر مطلوب تربويا إنطلاقا من قوله تعالي”وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، ففي التعارف تفاعل و ينتج منهما تبادل المعارف والخبرات نتيجه التأثير والتأثر،والمسلمون على مدى تاريخهم القديم والمعاصر أثبتوا أنهم دعاة حوار وتفاهم وتعاون بين بني الانسان وهم يصيرون في ذلك على مبادئ دينهم وتعاليمه،وعن قيم الحضارة الإسلامية التي تعايش في ظلالها أرباب الملل والنحل المختلفة فى أخوه إنسانية بعيدة عن التعصب وهو أمر يشهد به أعداء الإسلام. ويأمرنا دين الإسلام الحنيف بأن نتواصل ونتحاور مع غيرنا،فلإسلام دين “هاتوا برهانكم” وهو أيضا دين( وجادلهم بالتي هي احسن)،فالحوار في الإسلام ليس فضيلة فحسب بل هو فريضة إسلامية، وإذا كان الإختلاف سنة من سنن الكون كما يعبر القرآن” ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك،ولذلك خلقهم” فان من حق كل منهم على الاخر أن يحاوره ويستمع إليه علي أن يكون الحوار بالحسنى و بالتي هي أحسن ولذلك كان مربينا ومعلمنا وقدوتنا وأسوتنا في الحوار مع الأخر سيدنا رسول الله صل الله وسلم وبارك عليه آلين الناس وألطفهم في مخاطبة خصومه ملتزما بالهدى الرباني في اتخاذ أحسن الأساليب للحوار، فقد استخدم كتاب الله في مخاطبة اليهود والنصارى تعبيرا له إيحاؤه ودلالته التربوية في التقريب بينهم وبين المسلمين(أهل الكتاب)،ولذا فالزعم بأن الإسلام ضد الحوار ولا يدعوا إليه افتئات صارخ ودعوي باطلة. والحوار وإن لم يرد بهذا اللفظ فى الاستعمال القرآني إلا أن كثيرا من الدلالات والأسس التي يقوم عليها قد نص عليها القرآن في آيات عدة وأشارت إليها كثير من الأحاديث النبوية، فالقرآن نهي عن الجدال المذموم إذ منه ما هو صحيح وحق ومنه ما هو باطل، فإذا كان لابد من الجدال فيجب أن يكون بالتي هي أحسن قال تعالى” ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن”، وقال تعالي”ولا تجادلوا اهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن “،فالإسلام دين التسامح لا دين التعصب ويدعو إلى الحوار والجدال المتسامح الذي يقبل الرأي والرأي الآخر ويناقش بالتي هي أحسن لا بالتي هي أخشن. ولكي يكون الحوار كأسلوب من أساليب التربية الإسلامية مثمرا ويحقق أهدافه ،فلابد من عده آداب وشروط يجب توافرها فيمن يقوم بالحوار ومنها: التحلي بالصبر وهدوء النفس وحسن الاستماع للطرف الآخر،ومن الوسائل التي تساعد علي إنجاح الحوار مع الأخرين تصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام والمسلمين، ولابد من قيام الأسرة كوسيط تربوي بدورها فى مجال تربية أبنائها على الحوار البناء و الهادف واحترام آراء الآخرين والإصغاء إليها وكذلك المدرسه كمؤسسة تعليمية يتعلم ويتدرب الشخص من خلالها على الحوار وأخلاقياته من قبل الأساتذه الذين يتلقي على ايديهم العلم. والله الموفق والمستعان، وللحديث بقيه إن شاء الله..