واعظ أول وعضو لجنة الفتوي بمنطقة وعظ الشرقية
الحمد لله، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أيها المسلم، إن الأمن في الوطن نعمة من الله عظمى، يذكر الله بها عباده، ويبين لهم فضلها، وأنه القادر على تحقيقها، القادر عليها جل وعلا، فهي نعمة من نعم الله على عباده بعد نعمة الإسلام،فالأمن نعمة يذكر بها العباد، ويعرفون بقدرها، ليشكروا الله عليها بأقوالهم وأعمالهم، ويكونوا على الطريق المستقيم، لتبقى لهم تلك النعمة، ويدوم عليهم بفضل الله هذا الخير.
إن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام لما أكمل بناء بيت الله الحرام، دعا لأهله بهذه الدعوات قائلا: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم : 35] ،فتأمل اخى المسلم فى هذه الدعوة التي دعا بها الخليل عليه السلام لأهل بيت الله الحرام، دعا لهم بأمرين:
أولا :أن يجعله الله حرما آمنا، وثانيا: أن يرزقهم من الثمرات:
فبدأ بالأمن قبل كل شيء، لأن الأمن إذا تحقق تحقق الخير كله، فبالأمن يتحقق للعباد مصالح دينهم ودنياهم، بالأمن ينالون الخيرات، يسعون في الأرض، يعملون ويجتهدون، ينتقل من هنا إلى هناك في طلب الرزق وتأمين المعيشة بتوفيق من الله، لكن هذا لا يتم إلا إذا تحقق الأمن، وإذا فقد الأمن ـ والعياذ بالله ـ فإن كل خير يفقد، فلا يتم للعباد أمر، لا في دينهم، ولا في دنياهم.
أيها المسلمون، إن المتأمل في نعم الله على الحقيقة دعاه ذلك التأمل إلى شكر الله، والثناء على الله، ومعرفة قدر من أنعم عليه بهذه النعمة، وتفضل بها، وجاد بها، فهي نعم من الله، يذكر الله بها عباده، ليقوموا بحقها، وليعبدوه تعالى، ويقوموا بما أوجب عليهم، { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف} [قريش:3، 4]،فانظروا الى النعمتين: أطعمهم من جوع فهم في شبع ورغد، وآمنهم من خوف فتمت النعمة بالأمن ورغد العيش،وقد قال النبى :((من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)) أخرجه البخاري في الأدب المفرد [300]، والترمذي في الزهد [2268].مسند أحمد بن حنبل – (1 / 162)،وكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا رأى الهلال قال: (( اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله)).
أيها المسلمون، الأمن ينال الناس به الخير كله، يعبدون الله، يقومون بما أوجب الله عليهم، بالأمن يطمئنون على دمائهم، وعلى أموالهم، وعلى أعراضهم، الأمن يحقق لهم الخير، ويدفع عنهم السوء، الأمن يحصل به رغد العيش، وتنمو به التجارة، ويتبادل الناس المنافع، ويعيشون في طمأنينة ونعمة من الله،وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(( من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)) سنن الترمذي (4 / 574).
وبحمد الله وطننا الحبيب في أمان واستقرار ونعمة عظيمة، فكلها نعم من الله، إنما على العباد أن يشكروا الله عليها، وأن لا يصغوا إلى ما يقوله الأعداء، وإلى ما يروجه الأعداء الحاقدون.
فهذه البلاد تعيش أمنا واستقرارا، وتعيش مطمئنة، والخير الكثير الذي تشاهدونه في أسواقكم وفي كل أحوالكم، فاشكروا الله على نعمته، واسألوه من فضله وكرمه، أن يديمها عليكم، وأن يجعلها عونا على ما يرضيه، إنه على كل شيء قدير.
نسأل الله أن يديم على الجميع نعمة الإسلام، وأن يحفظ هذه النعمة من الزوال، رب نعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحول عافيتك، ومن فجاءة نقمتك، وأن يرزقنا شكر نعمته، وحسن عبادته، وأن نستعمل نعم الله علينا فيما يقربنا إلى الله، إنه على كل شيء قدير.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل مكروه وسوء
والله الموفق والمستعان