حكاوي جهاد عامر
– يا حبيب امبارح وحبيب دلوقتي.. يا حبيبي لبكره ولآخر وق..
= الله الله يا ست حوَّاء ، قاعدة هنا بتغني لحبيبتك أم كلثوم وسيباني مع خالتك فـ المطبخ محتاسة!!
– وهو حد قالك تعملي فالحة وتقولي انا اللي هعمل الأكل؟! قال ايه عشان سي آدم لما ييجي ياكل من ايدك!! خلاص اشربي بقى ومالكيش دعوة بيا أنا أصلاً ماكنتش عايزة اقعد انهاردة من شغلي بس حكم القوي.
= ايتااا ايتااا يا حوَّاء أوعي تكوني لسه بتغيري مني أنا وآدم!!
– أغير منك انتي وآدم!! ليه إن شاء الله دا انتوا الاتنين متخلفين زي بعض وبحمد ربنا إنه أخوكي لوحدك وإن العبط بتاعه ماوصلش ليا زيك.
= لا بقولك ايه ماسمحلكيش تغلطي فيه قدامي دا دومي باشمهندس قد الدنيا وكمان..
” حوووور ..”
= يالهوي خالتك هتنفخني خلصي وتعالي ساعدينا بسرعة،..حاضر يا ماما جاية اهوه.
بعد ما سابتني وطلعت تجري عشان تساعد خالتو وماما في تحضير الأكل لإنّ أخوها على وصول.. طلعت مني تنهيدة وجع!!
آدم جاي انهاردة، جاي بعد تلت سنين غياب!! سافر يكمل تعليمه برا ومن ساعتها مارجعش، أو هما اللي بيقولوا كدا.. بس أنا شوفته وسمعت صوته.. أنا حسيت بيه يوم ما بابا مات وقعدت تلت أيام غايبة عن الوعي كنت بفتح عيني أشوفه جنبي بيطبطب على إيدي.. بس لما فوقت وسألت عليه قالوا إنه مانزلش أصلاً لإنه عنده شغل وماعرفش ييجي، ماعرفتش أصدقهم ساعتها بس مع الوقت ولما هو حتى ماكلمنيش ولا فكر يطمن عليا حتى بمُكالمة.. صدقتهم!!
ومن ساعتها لا شوفته ولا بسأل عليه وحتى لما تيجي سيرته بدخل أوضتي اللي بالمناسبة فـ بيته! .. خالتو لما بابا اتوفى ماوافقتش أقعد أنا وماما لوحدنا في بيت بابا وخصوصاً إنِّي ماليش أخوات.
= حوَّاء!! انتي واقفة هنا بتعملي ايه؟ هيا مش حور جات قالتلك تعالي عشان تساعديني أنا وخالتك! يا بنتي آدم زمانه على وصول خلصي يلا..
– ماما انتي عارفة إنِّي مش بحب أقف فـ المطبخ مع حد يا أقف لوحدي وأعمل كل حاجة لوحدي يا ما أعملش خالص وبعدين أنا مش عايزة أعمل حاجة أصلاً انهاردة ومش جايلي مزاج.
= حوَّاء!! انتي لسه زعلانة من آدم!!
كانت بتبصلي وكأنها بتخترق دماغي عشان تعرف بفكر فـ إيه، ماما طول عمرها بتفهمني من عيني، أو يمكن أنا اللي واضحة ذيادة عن اللزوم!!
– زعلانة من آدم!! و أزعل من آدم ليه هو في حاجة حصلت عشان أزعل منه أو مازعلش! آدم مش فارقلي أصلاً يا ماما عشان أ..
“عشان تفكري فيه أو ييجي على بالك أو تسألي عليه مثلاً!!”
سمعت صوته وهو واقف ورايا، لوهلة حسيت قلبي وقف والأكسجين خلص م المكان كله، ماقدرتش ألف ناحيته وأشوفه! مش عارفة هقدر أتحكم فـ دموعي ولا لا..
= آدم! حبيبي حمد لله على سلامتك نورت بيتك يا ابني
بعدها خالتو وحور جم سلموا عليه وطبعاً السلام دا كان بعياط كتير وأحضان أكتر، ودا كله وأنا لسه مدياه ضهري ومش مستوعبة أصلاً أنه في نفس المكان وبيني وبينه خطوتين بس..!!
= حوَّاء انتي واقفة كدا ليه مش هتسلمي على آدم؟!
غمضت عيني وشتمت حور بصوت واطي، وخدت نفس عَميق وفتحت عيني وقرَّرت أواجه مصيري..
أول ما لفيت لقيته واخد خالتو وماما في حضنه و.. بيبص عليا وبيبتسم!! وايه دا هو قلبي ابن النتن دا بيدق ليه دلوقت!!
– حمد لله ع السلامة
قولتها وانا بتهرب من عنيه وقدرت بأعجوبة ألبس قناع الجمود، وروحت على أوضتي وقفلت الباب ورايا، حور جاتلي بعدها وقولتلها تعبانة شوية ومش هقدر أخرج، وطبعاً عشان هما كلهم عارفين مزاجي المتقلب وإني بميل للعزلة مافيش حد حاول يكلمني تاني.
الساعة 37: 12 أكيد كلهم ناموا دلوقت، ولأني شخصية ليلية دايماً بحب أقعد في البلكونة بالليل وأسمع أم كلثوم وطبعاً بوجود مج الشاي بالنعناع بتاعي، خدت موبايلي والهاند فري وعملتلي مج الشاي بالنعناع وفتحت البلكونة وقعدت.. لكن حسيت جسمي اترعش من السقعة خصوصاً أننا في شهر يناير، فـ حطيت الشاي وشغلت الست وهيا بتغني “سنين ومرت” وروحت أجيب شال من أوضتي.
جبت الشال ودخلت البلكونة لقيت اللي قاعد على الكرسي بتاعي.. وبيشرب من المج .. بتاعي!!!!
=طول عمرك صاحبة مزاج يا حوَّاا وبتعملي كل حاجة بمزاج.. أم كلثوم ف وقت الليل وكوباية الشاي اللي عمري ما دوقت فـ جمالها!
كان بيتكلم وهو مديني ضهره بعدين بصلي وقال
= تعرفي كوباية الشاي بتاعتك دي كانت أكتر حاجة واحشاني!!
كوباية الشاي يا مهزأ ياكش تطفحها يا بعيد*
= ايه يا حوحو انتي بلمتي كدا ليه؟
غمضت عيني وخدت نفس عَميق عشان ماشتمش بصوت عالي دا مهما كان ابن خالتي حتى لو كان حلوف بس معلش بصيتله واتكلمت بهدوء برغم الغضب اللي جوايا..
– أنا اسمي حوَّاء يعني لا حوَّاا ولا حوحو ولا أي حاجة تانية، حووواااء ولو مش بتعرف تقوله يبقى يستحسن تقولي يا دكتورة.. تمام يا باشمهندس!
وخدت موبايلي اللي كان ماسكه في إيده ومشيت.
فضلت أسبوع بعد الموقف دا ماشوفهوش.. كنت بقوم بدري وأمشي على المستشفى، وهو كان بيقعد طول النهار برا لأنَّه بيخلص أوراقه وبينقل شغله هنا، فـ كان بييجي متأخر وأنا كنت بوصل البيت قبله وأدخل أوضتي وما أخرجش منها طول ما هو في موجود.
= هالتووو هووواء!!
صحيت على صوت مَليكة بنت حور، لأ لأ هيا بنتي أنا.. في فرحة غريبة بتدخل قلبي بمجرد ما بشوفها، مليكة خدت حُب أمها اللي في قلبي وأضعافه وخلته ليها هيا!
– تعالي يا قلب خالتو حوَّاء من جوّا انتي..
شاورت على دولابي وقالت “كوكو”..
– كوكو يا أم كرش أنا مش عارفة انتي بتحبيني عشان الشيكولاته ولا عشان انا خالتك! تعالي خدي كوكو يا اختي تعالي..
خدت الشيكولاته وجريت على برا، ضحكت عليها ودخلت لبست هدومي وطلعت لهم برا.
لقيت حور قاعدة هيا وماما وخالتو.. لكن مَليكة مش معاهم.
– صباح الخير
ردّوا كُلهم ، وحور سألتني بضحك..
= مَليكة أول ما دخلت قعدت تنادي عليكي ودخلتلك جوا جري، أكيد خدت كوكو صح؟!
– طبعاً خدت ما هي طالعة بكرش زي أمها..
حور كشرت وماما وخالتو ضحكوا وردت خالتو:
“معاكي حق والله يا حواء البت دي طالعة لحور في حكاية الأكل دي جداااا ”
= انتوا جايبيني هنا تهزقوني ولا ايه!! والله اخد بنتي وامشي..
ضحكت على شكلها وقولتلها:
– لا تمشي فين اعملي حسابك انتي هتقعدي معانا كام يوم القاعدة معاكي واحشاني جداً.
= أيوا أنا جاية أصلاً وعاملة حسابي إنّي هقعد على قلبكوا أسبوع عشان يوسف سافر شغل وانتوا عارفين مش بحب أقعد لوحدي.
وقبل ما حد يرد دخل وهو شايل مَليكة على رقبته وقال:
“انتي تنوري في أي وقت يا أم مَليكة يا غالية..”
قامت حور سلمت عليه وقعدوا وأنا مش مركزة غير في شكله وهو شايل مَليكة وسرحت فـ مشهد ما راحش من ذاكرتي لحد دلوقتي …
……………………..
– نزليييييني نزليني بقولك يا حوووور..
_ ايه يا حوَّاا مالك بتعيطي ليه؟!
– حور عمالة تشيلني وبقولها نزليني مش راضية يا آدم.
= يا آدم أنا عايزة أشيلها عشان تحبني زيك والله ومش بضربها زي ما انت قولتلي.
– وأنا مش بحب حد يشيلني غير آدم..
حور كشرت وآدم ضحك وقال:
_ خلاص يا حور يا حبيبتي معلش انتي عارفة حوَّاا مش بتحب حد يشيلها، وانتي يا آنسة حواا تعالي يلا وأنا هشيلك..
………………..
=حوَّاااااااء!
– ايه يا بنتي صرعتيني..
=ما انا بقالي ساعة بنادي عليكي وانتي سرحانة! بقولك فاكرة وانتي صغيرة لما آدم كان بيشيلك كدا زي مَليكة وكنتي بتعيطي لو حد شالك غيره؟!
كلهم ضحكوا وهو كان بيبص للأرض وبيبتسم!
– لا مش فاكرة..
كلهم استغربوا ما عدا هو بصلي ولسه الإبتسامة على وشه..
“طب يلا يا بنات قوموا اعملوا الأكل يلا على ما آدم يروح يصلي الجمعة وييجي يكون الأكل جهز”
– لا يا خالتوا انتي عارفة حواء بنتك اللي بيقف معاها في المطبخ بتطلع عينيه.. أنا هدخل أعمل الحلويات وهيا تعمل الأكل.
“لااا انتي بتعملي الحلويات مسكرة أوي”
قولت أنا وهو نفس الجملة في نفس الثانية.. كلهم ضحكوا علينا وأنا هو بصينا لبعض وسكتنا.
= لسه انتوا الاتنين مش بتحبوا الحلويات مسكرة ونفسكوا بتتسد منها!!
حور قالتها وهيا بترمي علينا نظرة خباثة كدا..
_ طب انا هقوم بقى أصلّي وآجي ألاقي الأكل جاهز عشان جعان أوي..
قومت أنا وحور هيا عملت الأكل وأنا عملت الحلويات، وخلصنا وقعدنا نتكلم وجات سيرة حسام أخو يوسف جوز حور واللي شغال معايا في نفس المستشفى.
= يا بنتي والله حسام بيحبك أنا مش فاهمة ايه اللي مش عاجبك فيه بس؟!
– يا حور قولتلك مية مرة أنا مش عايزة اتجوز دلوقتي والموضوع مش في دماغي…
= لحد امتى يا حوَّاء!! هاه لحد امتى انتي بقى عندك ٢٤ سنة يعني خلصتي كليتك وبقيتي دكتورة أسنان ممتازة وشغالة في مستشفى كويسة جداً مستنية ايه تاني؟
– حور هيا ماما كلمتك مش كدا؟!
= يا حبيبتي أنا مش عايزاكي تزعلي منها ولا مني خالتو مالهاش غيرك في الدنيا ونفسها تطمن عليكي، وأنا نفسي أفرح بأختي اللي ماليش غيرها يا حوَّاء! عشان خاطري وخاطر ماما وخالتو فكري في الموضوع..
– حاضر يا حور هفكر ..
= يا حبيبتي ربنا يريح قلبك ويسعدك يار..
” مامااا!! تووومي ممم ”
= يا بنتللل!! يا بنتي هتوقفي قلبي مرة بصريخك دا حرام عليكي!!
“يعني هيا هتجيبه من برا ما أمها نفس الداء.. وبعدين ما تخلصوا بقى انا جعااان ”
= انت بتطلع منين انت كمان؟! ع العموم يا سيدي حاضر الأكل جهز اهوه خلاص.
حطينا الأكل واتغدينا وجيبنا الحلويات وقعدنا كلنا، حور وزعت على كل واحد الطبق بتاعه..
= حوَّاء يا حبيبتي مالك من ساعة ما الأكل اتحط وانتي سرحانة حتى ما أكلتيش كويس! مالك يا قلبي هيا حور زعلتك ولا اي!!
– لا يا خالتو انا بخير ماتقلقيش.
عيني جات في عينه لقيته بيبصلي وضامم حواجبه في قلق!
ردت حور بفرحة:
= لا خالص يا ماما هيا بس أصلها أخييييرااا.. هتفكر في العريس..!!!
“بجد والنبي؟!”
ماما وخالتو نطقوا مع بعض والسعادة هتطلع من عينهم زي ما يكون وافقت مش لسه بفكر!
فضلوا يقنعوا فيا ويشجعوني وحور بتحكي لهم وهيا فخورة أنها هيا اللي خلتني اخد الخطوة دي..
لكن مافيش حد فيهم خد بالوا من اللي فضل متنح عليا ومصدوم م الكلمة اللي رمتها حور.. وفجأة قام من مكانوا وخرج ورزع الباب وراه..
وقفت بمليكة في البلكونة بالليل بعد ما فضلنا أنا وأمها نرغي لحد ما نامت، ومافضلش حد صاحي غيري أنا و مَليكة اللي طالعالي في السهر وحب الليل..
“تووومي”
خرجتني من شرودي بصرختها، بصيت عليها لقيتها بتبص عليه!!
كان واقف تحت البيت وبيبص عليا بنظرة.. عتاب!!!!!
مَليكة أول ما شافته نزلت من على الكرسي وجريت على برا.. طلعت وراها عشان ماتطلعش ع السلم لقيتها عند باب الشقة وهو شايلها وبيبصلي بنفس النظرة..
– تعالي يلا يا كوكو عشان ندخل ننام..
لا هيا نزلت ولا هو اتحرك!
-هات يا باشمهندس مليكة لو سمحت عشان تنام..
_ ليه؟
سألني وهو باين عليه الحزن والغضب مافهمتش هو بيسأل عن ايه بالظبط بس حاولت اهرب مِن نظراته..
– ليه ايه!! هات يا باشمهندس مَليكة عشان ندخل ننام الوقت أتأخر وأنا عندي شغل بكرة.
_ اهاا الشغل اللي فيه دكتور حسام “العريس”
كان بيتكلم بهدوء وآخر كلمة قالها وعينه بتطلع شرار!!
وانا لحد دلوقتي مش فاهمة هو متعصب كدا ليه؟ أو فاهمة بس خايفة أصدق وأطلع غلط تاني وقلبي.. وقلبي ينكسر تاني!!
_ سكتي يعني!! مكسوفة يا عروسة ولا ايه؟!!
– ايوا يا باشمهندس.. الشغل اللي فيه حسام العريس، و لأ أنا مش مكسوفة ولا حاجة مافيش بنت بتتكسف من أخوها.. ولا ايه يا أخويا؟!!
اتكلمت بمُنتهى الهدوء ولأول مرة أكلمه من ساعة ما جه عيني في عينه وشدَّدت على آخر جُملة وخدت مليكة من إيديه ومشيت من قدامه ودخلت أوضتي وقفلت الباب وبعدها بَس سَمحت لدموعي إنّها تنزل…
هو ليه بيعمل فيا كدا؟! مش هو اللي زمان رفضني لما خالتو عرضتني عليه عروسة!! مش هو اللي زعق وقال إن حواء دي أختي ومستحيل أفكر فيها گزوجة ولا حتى حبيبة!! مش هو اللي سافر عشان خالتو ماتضغطش عليه ويتجوزني؟! مش هو اللي ماسألش عليا من ساعة ما سافر!! جاي دلوقت يزعل اني هفكر في غيره!!! لا يا آدم زي ما زمان رفضتني وكسرت خاطري هخليك دلوقتي تتمنى انك تيجي على بالي مُجرد خيال بَس..
نلتقي غداً
الباب الثاني من
حكاوي_جهاد_عامر