كتب : بشير حافظ
” حبة الغلة السامة “.. تحولت من علاج لمكافحة الأفات وتسوس القمح، إلى حبة قاتلة تدفع الشباب إلى الهلاك بالقرى والمراكز ، فعن طريقها يمكن للشخص إرتكاب جريمة قتل أو الأقدام على الإنتحار…والإسم العلمي للحبة القاتلة هو “الألومنيوم فوسفيد”، وتستخدم لمنع تسوس محصول القمح، وحمايته من الحشرات الضارة، وتسجلها وزارة الزراعة كمبيد حشري، وتدخل مصر بشكل رسمي، ولا توجد أية محاذير على تداولها، وتدوّن عليها عبارة “عالية السمية”، ويوجد منها 18 منتجًا بأسماء تجارية مختلفة، إلا أن تركيبها واحد، واستخدامها واحد في حفظ الغلال والحبوب.
وتدخل مادة “زينك فوسفيد” في تصنيع حبة الغلة، ويخرج منها غاز قاتل للبشر، ولا تترك هذه الحبة أية آثار على الجسم بعد استخدامها في حالات الانتحار، وحظرت عشرات الدول العربية استخدامها، بعد تسببها في زيادة نسبة وفيات الأطفال.
أقراص سامة تستخدم في حفظ حبوب القمح، يتم وضعها في الأجولة لضمان عدم إصابة المحصول بالسوس، وإخراجها قبل طحنه لها مخاطر عدة على الحياة والصحة العامة، لاسيما وأن تداولها يتم دون رقابة عليها، مايهدد حياة المواطنين.
وحبوب منع تسوس القمح، يتم إنتاجها في مصانع «بير السلم»، والتي تدار دون ترخيص، ثم وضعها في عبوات صفيح، وبيعها في القرى والأرياف، وينتشر تداولها بين المزارعين، بأسعار لاتتجاوز العشرون جنيها، ويتعامل معها الفلاحين دون وعي بمخاطرها، وهم لايعلمون أن الموت نهاية استخدامها، لاسيما وأنها توضع بين حبوب القمح المصنوع منه الخبز، بالإضافة إلى تناول الطعام والشراب بعد ملامستها دون غسل الأيدي وتطهيرها.
يستخدمونها دون وعي بمخاطرها، فمنهم من يموت تسمما عن طريق الخطأ وآخرين يتناولونها للإنتحار، هكذا علقت الدكتورة نسرين سعد إسماعيل أستاذ السموم ، مشيرة إلي أنها لاحظت زيادة إقدام المواطنين على شراء وتداول تلك الحبوب، مؤكدة على ضرورة التصدي لانتشارها وطرح بدائل آمنة بدلا منها بالأسواق لحفظ القمح والغلال دون الإضرار بالإنسان، على أن يتم توزيعها من خلال الجمعيات الزراعية.
و أوضحت أنه في محال البقالة، ولدى تجار الغلال، تعد تلك الأقراص واحدة من السلع المعروضة كغيرها من الأغذية، والمعلبات الأخرى ويتم تداولها بحرية تامة بين الأفراد، فمن يرغب في الإنتحار من خلال تناولها، أو من يريد استخدامها في أعمال إجرامية يقوم بشرائها بسهولة ويسر وبأسعار زهيدة، وتزداد عملية بيع تلك الأقراص عقب حصاد محصول القمح، لتخزينه بالمنازل وتصنيعه خبزا، وهو الأمر الذي أودى بحياة الكثيرين من مستخدميه.
من جانبه أكد الدكتور أحمد عمر، أستاذ السموم أن تلك الأقراص يخرج منها غاز سام بمجرد وصول المياه إليها أودخولها معدة الإنسان لدخول حمض الهيدروليك عليه، وهو الأمر الذي يتسبب فى انبعاث غاز الـ«فوسفين» القاتل، والمتسبب في فشل كافة أعضاء الجسد وارتشاح الرئتين، لذلك كان يطلق عليه اسم «المهلك» لخطورته، ويسبب الوفاة على الفور.
وأشار أستاذ السموم ، إلى ضرورة الرقابة على عملية صناعة وتداول تلك الأقراص، وعقد الندوات الإرشادية بالقرى والأرياف لتوعية المواطنين بمخاطرها والحد من الكوارث التي تسببها.
وأوصت تقارير بمديرية الصحة بالشرقية بتوعية المواطنين بالحذر من إستخدام الحبوب، وحال تناولها بالخطأ ينصح بعدم شُرب الماء بعد تناولها مباشرة لأنها تساعد على إنتشار السم فى جميع أنحاء الجسم، وكذلك عملية غسيل المعدة تساعد على نشر السم، لأنها تعمل على فوران القرص الذى يحتوى على مادة سامة وهى فوسفيد الألومنيوم القاتلة.
مخاطر عديدة يسببها مبيد” الألومنيوم فوسفيد” أو حبة حفظ محصول القمح، كما يطلق عليها عدد من الفلاحين بمختلف قرى محافظة الشرقية، وأصبح يتم استخدمها بشكل خاطئ، حيث تسخدم للانتحار، كما تسبب فى إصابة العديد من المزارعين بهبوط فى الدروة الدموية، وشهدت محافظة الشرقية أول أمس السبت ، وتحديداً بمركز الحسينية ، إنتحار شابين بعد تناولهم تلك الأقراص.
وتقول سعدية إبراهيم 59 سنة ربة منزل من الشرقية إنها إعتادت وضع “حبة الغلة” بأجوالة الغلة بعد درسها وتجمعها فى أجولة من البلاستيك، حفاظا عليها من التسويس، لكن يتم التعامل مع الحبة بحذر عن طريق غسل اليدين بشكل سريع وبمواد منظفة تمنع آثارها، لكن حاليا لم يتم إستخدامها بسبب عدم تخزين الغلة، والاتجاه لشراء العيش من الطابونة.
وتقول فاطمة حسين 62 سنة ربة منزل إنها كانت تقوم باستخدام هذا المبيد لحفظ محصول الغلة من التسوس، حيث تقوم بارتداء كيس بلاستيك وتضع الحبة فى قطعة قماش ثم تخزنها مع الغلة، وبعد الحاجة لاستخدام الغلة يتم فتح الشكارة ووضعها على صنية كبيرة فى الشمس لتهويتها جيدا والبحث عن الحبة والتخلص منها بعيدا عن الأطفال.
ويقول الدكتور عصام فرحات مدير عام إدارة الطوارئ والرعاية الحرجة بمديرية الصحة بالشرقية، إن الحالات المصابة بهذا المبيد نتيجة وضعه كحبة قاتلة للسوس فى القمح، حالات نادرة، نظرا لوعى الفلاحين بمخاطر المبيد.
و أضاف الدكتور عصام فرحات ، إن حبة الغلة اسمها العلمى “الألومنيوم فوسفيد، أو فوسفيد الزنج”، وهى عبارة عن قرص أسود اللون، وتستخدم لمنع تسوس محصول القمح “الغلة” وحمايته من الحشرات الضارة، ويخرج منها غاز قاتل، بمجرد وصول المياه إليه، أو دخوله معدة الإنسان لدخول حمض الهيدروليك عليه، يتسبب فى انبعاث غاز إسمه “فوسفين” غاز قاتل يتسبب فى فشل بكل أعضاء الجسم ويؤدى إلى ارتشاح بالرئتين، لذلك كان يطلق عليه إسم “المهلك” لخطورته، كما أن يستخدم كمبيد حشرى ومبيد للقوارض مثل الفئران، حيث لو تم وضع قرص منه فى بيارة الصرف الصحى كافٍ بالقضاء على الفئران واختفائها من البيارة لمدة شهر، حيث يخرج منها مبيد فسفورى عضوى، يؤدى إلى مشاكل صحية وصعوبة فى التنفس للإنسان، ولو أصيب به سواء عن طريق الجلد، أو الاستنشاق عن طريق الخطا أو الإنتحار.
من جانبه أوضح المهندس علاء عفيفي وكيل وزارة الزراعة ، أن مديرية الزراعة بالشرقية تعقد ندوات توعية للمرشدين الزراعيين، لكى يقوموا بتوعية الفلاحين من خطورة تلك المبيد الضار وخطورته لأنه يحتوى على عناصر ثقيلة مثل الرصاص تترسب فى الكبد ومع مرور العمر تسبب أمراض خطيرة مثل السرطان لأن مفعولها قاتل، وأن الحذر منها يختلف من فلاح إلى آخر حسب سلوكيات كل شخص بطرق النظافة والتطهير.
وأشار وكيل وزارة الزراعة بالشرقية ، إلي إن مديرية الزراعة شنت حملات كثيرة لتوعية المزارعين بخطورة ذلك المبيد الحشرى الضار، ويقوم قسم الرقابة على المبيدات بتحرير محاضر ومخالفات لأصحاب المحال التى يتم ضبط حبة واحدة فيها، نظرا لخطورتها على الصحة، حيث إنه ممنوع استخدامها أو الإعلان عنها، خاصة أن البعض يستخدمها كمادة للانتحار فى الفترات الأخيرة.
من جانبه أشار الحاج عبدالكريم حسيني نقيب عام الفلاحين بالشرقية ، إلى أن خطورة حبة الغلة السامة يكمن في سهولة استخدامها والحصول عليها، مطالبا الحكومة بضرورة توفير المصل المضاد لها، ولأي مبيد سام يسمح باستخدامه.
وقال نقيب الفلاحين بالشرقية ، إن زيادة نسب حالات الإنتحار بحبة الغلة يدفعنا إلى مراجعة كافة إجراءات تداولها، فعلي من يستخدم أي مبيد أن يراعي أن لا يقع المبيد بأيدي الأطفال مع ضرورة تقتين بيع واستخدام هذه المواد السامه واللجوء إلي حفظ الغلال بالطرق الطبيعيه بعيدا عن استخدام المبيدات.