بقلم تحية محمد
لماذا إنعدم الاحترام والتقدير للمعلم في هذا الزمان.
إذا سألت نفسك أو سألت أي طالب عن أهم شيء طبع مسيرتك التعليمية أو أثر على مستوى تحصيلك الدراسي ، فتأكد أن أغلب الآراء لن تذكر لك كتابا أو محاضرة معينة بدل ذلك ، ستسمع اسم معلم أو معلمة،فاين إحترام المعلم.
السلوكيات السلبية التي تحدث من الطالب تؤثر على المعلم والطالب نفسه والعملية التعليمية بشكل سلبي تعكس صورة غير لائقة على عناصر العملية التعليمية برمتها. أن التداخلات الموجودة الآن في الميدان التربوي والتجاوزات من الطالب على المعلم لا يجب أن نعممها على جميع الطلبة ولكن هناك شواذاً في هذه القاعدة وهي لها تأثيرات كبيرة على الفئة الاخرى من الطلاب المعتدلين سلوكيا، بالإضافة الى أن التربويين لا ينظرون إلى هذه الظاهرة بالشكل المتمعن والدقيق لكي يتناولها الميدان من حيث الدراسة حتى يتم وضع الحلول المناسبة لها، لهذا لابد من التعرف إلى مسببات هذه الظاهرة والتي بدورها أصبحت تأتي بالسلوكيات السلبية في الميدان والتي تنعكس على عدم احترام المدرس أو الإدارة المدرسية والهيئات التدريسية وتأثير هذا الجانب الذي يأتي بصورة سلبية أكبر على الجانب التعليمي.
إن الجانب السلوكي مهم جداً للطالب فإذا قلنا وزارة التربية والتعليم فإن التربية هي الجانب السلوكي الذي من الواجب على المعلم بالتعاون مع ولي الأمر أن يغرسه في الطالب من حيث القيم الأخلاقية.
الجميع يتحدث أن المعلم لم تعد له أي هيبة بعد القرارات التي جعلته دائماً أنه هو الذي أخطأ، وتوقيع عقوبات بحقه مع أي حادث، فضلاً عن دفاع أولياء الأمور المستمر عن أبنائهم بغض النظر عن الموقف وحيثياته.
قال الشاعر أحمد شوقي (قف للمعلم وفيه التبجيلا، كاد المعلم ان يكون رسولا)، وذلك لتقديس مكانته التعليمية، والتربوية، والانسانية، التي طالما كان يحفظها له المجتمع بشرائحه المختلفة .
وبمضي الوقت،أين مكانته الآن ومع تغير كثير من القيم، واهتزاز كثير من الثوابت، وارتعاش بعض ان لم يكن اغلب السلوكيات التي ما كنا نعهد فيها سوى الالتزام، اندثرت نسبياً، هيبة ومكانة المعلم، فما بين التطاول عليه لفظاً غير اخلاقي من بعض الطلبة ، الى التعدي عليه – من طالب أو آخر، والنتيجة ضياع كرامة، واحترام المعلم، ومصانين، لأصحاب هذه المكانة التي ما كان يعتقد أحد أن تمس من اي كان في يوم من الايام.
لا يمكن ان ندفن رؤوسنا في التراب ونتغاضى عن بعض الأفعال غير السليمة يأتي بها ربما عدد محدود من المعلمين، والتي قد يكونون بها أساءوا إلى مكانتهم، وهبطوا كذلك بها، ومنها التبسط مع الطلبة في الحديث، والخروج بهم من النطاق التربوي، والتوجيه إلى ما لا يصح من الأحاديث التي لا يجب طرحها مع طلبة يخطون خطواتهم العمرية نحو سنوات المراهقة مع مايعتريها ويصاحبها من تغيرات، ومنها كذلك مخاطبة الطلبة بألفاظ غير أخلاقية، ومعاملتهم بدونية، واهانتهم، ما قد يدفع بعضهم إلى التجرؤ على المعلم من هؤلاء، ومبادلته المعاملة بالمثل، في ضوء افتقارهم إلى التمييز بين ما يجب وما لا يجب، نظراً لاعتقادهم أنهم بذلك يردون اعتبارهم الذي أهين من قبل معلميهم أمام زملاء صفهم .
وهناك غير ذلك من الأفعال المسيئة للمكانة التي كان وراءها عدد من المعلمين، فيما وعلى الجانب الآخر، ما يعود إلى أولياء الأمور الذين نسي وفي غمرة المشاغل الحياتية، تعزيز مكانة، وقيمة، وأهمية المعلم في نفوس وعقول الأبناء .
هيبة واحترام المعلم أصبحا قاب قوسين أو أدنى من الضياع، ما لم تكن هناك حلول ناجعة للعودة به إلى ما يستحقه بالفعل من موقع بارز ومتميز، لائق بكينونته، ووضعه المهني والحياتي، هناك حكمة تقول من آمن العقوبة أساء الأدب، وللأسف العقوبات الحالية في المدارس لا توحي للطلاب باحترام المعلمين، أو النظام الإداري الموجود في المدارس، التي أغلبها وللأسف أيضاً لا تطبق لائحة السلوك التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم التي تتضمن مواد تلزم الطلبة باحترام المعلمين والإدارات المدرسية، مما أدى بالتالي الى لجوء بعض الطلاب الى القفز فوق الأنظمة والقوانين، فمنهم من يتجول في المدرسة خلال سير الحصص الدراسية، ومنهم من يناطح المعلم بالقول واللفظ دون خوف أو خشية منه، في المقابل لم نسمع عن مدرسة لجأت الى فصل طالب لمدة يوم أو يومين لسوء سلوكه مثلاً ، الا إذا كان هناك تعد صارخ منه ، حيث يتم حل المشكلة التي وقعت ودياً بالاتصال بولي الأمر من هؤلاء، وإعلامه بما فعله ابنه، ومن ثم وكأن شيئاً لم يكن، لذا فظاهرة عدم احترام كثير من الطلبة للأنظمة والمعلمين على وجه الخصوص، تعود لعدم استطاعتهم اتخاذ أي قرار بحق غير المنضبط من الطلبة، فهناك الأسر التي لا تعمل على تنمية احترام المعلمين ومكانتهم في عقول الأبناء، إلى جانب الدروس الخصوصية التي قللت من هيبة المعلم، حيث أزالت الحواجز فيما بينه وبين الطلبة الذين يحصلون عليها، في ضوء شعور الطالب من هؤلاء ان المعلم أصبح مديناً له، فهو الطالب الذي يدفع له، وبالتالي لا يستطيع المعلم ان يواجهه باخطائه، أو نواقصه، في الوقت الذي كان فيه قبلاً بمنزلة الاب في البيت، والمدير في المدرسة .
فإن هيبة المعلم اندثرت الى حد كبير ليس في الدولة فقط، بل في معظم الدول التي انساقت وراء النظرية الغربية الحديثة في أسلوب التعليم، التي تجاهلت قضية عقاب الطالب، وقد كان التعليم يمتزج بنظريتي الثواب والعقاب، لأن مسيرة التعليم من دون هذين الجناحين معاً لا يمكن ان تحلق عالياً، فمبدأ الثواب جميل، ولكن العقاب أيضاً واجب، على ألا يكون بمفاهيم النظم التعليمية القديمة من الجلد والضرب المبرح، ولكن بأن تؤسس له آليات ونظم محددة، ليطبقه المعلم على المخالفين، والمستهترين بالعملية التعليمية .
كما تقع على عاتق بعض أولياء الأمور مسؤولية ضياع هيبة المعلم، حيث ان كثيراً منهم لا يريد للمدارس، ولا للإدارات المدرسية، أو المعلمين المساس بالأبناء، ولو بكلمة تجرح المشاعر، ما أدى الى استقوائهم على جميع من في المدارس، رغم ما قد يكون الابن من هؤلاء الذين يرتكبون في المدرسة تجاوزات، ومخالفات جسيمة، وعدم احترام للمدرسة والمعلم.
وحتى نعيد هيبة المعلم إلى ما كانت عليه من نيل التقدير والاحترام المجتمعي، فلا بد من أن تسن وزارة التربية والتعليم، والمجالس التعليمية تشريعات تؤيد مبدأ الثواب والعقاب المقنن، بحيث يتم العقاب بتدرج،فلابد للمعلم أن يكتسب المهارات والأساليب المنهجية الصحيحة في التعامل مع الطلبة، من احتوائهم واستيعابهم، ومعاملتهم بود، والابتعاد عن الغلظة، والحدة، فيما إذا تحول دور المعلم إلى مجرد أداء الواجب، فعلى العملية التعليمية والتربوية السلام، لأن المعلم في الأساس بمنزلة الاب في المدرسة والقدوة التي يجب احترامها، وتقديرها .
إن المعلم حالياً أصبح في حالة يحسد عليها، حيث اختفت صورة المعلم القدوة، فلم يعد هناك المعلم الذي يأتي مدرسته وهو بكامل هندامه، أو الذي يعطي وقت الحصة الدراسية كاملة للطلاب من دون نقصان، أو الذي يلتزم في حديثه بالألفاظ التربوية التعليمية المطلوبة، بما أدى بصورته إلى ان تؤول إلى ما أصبحت عليه، إلى جانب أسباب أخرى وهي راتب المعلم لا يكاد يكفيه لسد احتياجاته الأساسية وهو مضطر في كثير من الأحيان للاقتراض .
الأهل لم يعودوا يلقنون أبناءهم احترام المعلم، بل عندما يتعرض ابنهم لعقوبة أو مساءلة من معلم تجد الأهل ينتصرون لأبنائهم من دون أن يعرفوا مقدار الخطأ الذي ارتكبه الأبناء، والطلاب لا يرون في المعلم إلا موظفاً يقبض راتبه وفي كثير من الأحيان يمن الطالب على المعلم بهذا الراتب وكأنه هو الذي يدفعه له .
المعلم كان سابقاً مصدر المعرفة والعلم، والموسوعة التي يعود إليها الطلاب وربما آباؤهم، وفي يومنا هذا تعددت مصادر المعرفة، والموسوعات، وأصبح الطالب يعرف من المجتمع وشبكة الإنترنت والتلفزيون أضعاف ما يتعلمه في المدرسة .
هذا الواقع يضع المعلم نفسه أمام تحد جديد، فهو بحاجة إلى مواكبة العصر الذي نعيش فيه، وامتلاك وسائل المعرفة العصرية .
يقول طالب بأن عدد من المعلمين السبب في عدم احترامنا لهم، لأنهم يتعمدون إهانتنا، والاستهزاء بنا، ووصفنا بالاغبياء ان لم نستطع إجابة أي من الاسئلة، أو اذا حصل اي منا على درجة متدنية، علاوة على أن منهم من يرى في نفسه قوة بدنية، فيهددنا بالضرب إن لم نلتزم بما يطلبه أو يوجه به، فكيف أحترمه بعد ذلك، وقد أهانني، وأذلني أمام زملائي، ولولا خشيتي من أن يدعي أنني كنت أغش، مما اضطره لفعلته معي، لأخبرت اسرتي لتتخذ معه موقفاً.