بقلم - محمود الوروارى
تحتفل الشرطة المصرية بعيدها ال٦٨،والذي يوافق الخامس والعشرين من يناير كل عام ،حين ضرب أبطال الشرطة الشرفاء أروع التضحيات وصمدوا أمام المستعمر البريطانى المتواجد أنذاك فى منطقة القناة.
ولمعرفة ملابسات الواقعة لابد من إلقاء الضوء على وضع مصر أنذاك،فقد كانت مصر محتلة من قبل المستعمر البريطانى الذي يتمركز في منطقة القناة،وقد زاد التوتر بين مصر وبريطانيا بعد إلغاء الحكومة المصرية معاهدة ١٩٣٦ في اكتوبر١٩٥٢،والتى قيدت حرية مصر،ومنحتها استقلالا صوريا،ولم يتم إنهاء الاحتلال عسكريا حيث ظلت القوات البريطانية متمركزة فى القناة والأسكندرية والقاهرة ،وتسيطر أيضا على السودان،وبالتالى لم تقدم المعاهدة جديدا،أوتنهى الأحتلال،وعلى أثر الغاء المعاهدة،أمرت الحكومة المصرية العمال الذين يعملون فى معسكرات الإنجليز بترك عملهم،وزاد التوتر بين مصر وبريطانيا عندما زادت أعمال التخريب الفدائية ضد معسكراتهم فى منطقة القنال فقد كانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة،فأدى ذلك لقيام الأنجليز بمجزرة الاسماعلية.
وفى فجر يوم ٢٥ يناير ١٩٥٢ توجهت القوات البريطانية والتى تقدر بحوالى سبعة ألاف ضابط وجندي صوب مبني محافظة الاسماعيلية وثكنة بلوكات النظام،كان هدف الإنجليز إخلاء منطقة القناة خاصة بعد معاهدة ١٩٣٦،التي اعطتهم شرعية الوجود بمنطقة القنال،فى حين لا يوجد سوى ٨٥٠ ضابطا وجنديا مصرى،وقدم الجنرال اكسهام قائد القوات البريطانية في الاسماعيلية في منتصف الساعة السادسة صباحا انذارا إلي المقدم شريف العبد ضابط الاتصال المصري بتسليم قوات بلوكات النظام في الاسماعيلية اسلحتها وان ترحل عن منطقة القناة،وهدد باستخدام القوة في حالة عدم الاستجابة إلي انذاره،فما كان من اللواء أحمد رائف قائد بلوكات النظام بالاسماعلية أن قام بالاتصال هاتفيا بفؤاد سراج الدين وزير الداخلية فأمره برفض الانذار البريطاني والمقاومة،فأكد رأئف لسراج بقوله لن نترك مبني المحافظة حتي ولو ضحينا بأخر نفس فينا”.
وقد دارت المعركة الغير متكافئة فى العدد والسلاح،وصمدت قوات الشرطة المصرية داخل مبنى محافظة الاسماعلية بقيادة اليوزباشي مصطفي رفعت قائد القوات بالمحافظة،حتى نفذت ذخيرتهم وسقط منهم في المعركة ٥٠ شهيدا و ٨٠ جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين ١٣ قتيلا و١٢ جريحا .
وما أن علم الشعب المصرى بتلك المجزرة حتى خرج للشارع يحتج ضد سياسية وعنفوان المستعمر الغاشم،واندلعت المظاهرات المنددة بمجازر الأحتلال مطالبين بضرورة إجلائهم عن ارض الوطن،فكانت مجزرة الإسماعلية الشرارة التى غيرت أمال وطموحات المصريين نحو التخلص من الاحتلال،وعلى أثرها قامت ثورة يوليو ١٩٥٢م.
وقد اتخذت الشرطة المصرية من هذا اليوم عيد لهاتخليدا لمعركة العزة ،ولقد ضرب رجال الشرطة أروع الأمثلة فى التضحية والفداء لرفعة هذا الوطن،هؤلاء الشرفاء لقنوا العدو المستعمر دروسا فى الثبات والتضحية وحب الوطن وعدم الإستسلام للعدو مهما كانت قوته،فإيمان الفرد وقوة علاقته بربه وشجاعته تهزم جيوش ،فتحيةواعزاز لأرواح هؤلاء الأبرار.
حفظ الله مصر وجيشها وشرطتها وشعبها الأبى من كل مكروه وسوء،
كل عام أنتم بخير