بقلم – الأستاذ الدكتور أحمد إسماعيل أستاذ الجغرافيا بكلية الأداب- جامعة الزقازيق.
اليوم ١٩ مارس ذكرى استعادة طابا ورفع علم مصر خفاقا معلنا سيادة مصر على آخر اراضيها المحتله بسيناء فى ١٩ مارس ١٩٨٩. وبهذه المناسبة الوطنية الغالية وجدت انه قبل الحديث عن نجاح الدبلوماسية المصرية فى استعادة طابا الى حضن الوطن ان اكتب عن حدود مصر الشرقيه وكيف تم ترسيمها جغرافيا وتاريخيا لتبدأ من رفح على البحر المتوسط وتنتهى الى طابا على رأس خليج العقبه . فقد ظلت سيناء ولفترة طويله من تاريخها تمثل التخوم الشرقيه لمصر وشهدت طرقها القديمه حركه مستمره لا انقطاع فيها بين جناحى والوطن العربى الآسيوى والافريقى وظلت كذلك ايام الدوله العثمانيه حيث كانت مصر احدى ولاياتها فلم تكن هناك حدود سياسيه بين مصر وفلسطين. ظهرت حدود مصر الشرقيه على الساحه السياسيه عقب الاحتلال البريطانى لمصر ١٨٨٢ وتغلغل النفوذ الاوربى فى كيان الدوله العثمانيه،وقد تم تعيين وتعليم حدود مصر الشرقيه من خلال قضيتين مشهورتين فى تاريخ مصر الحديث هما..الاولى :قضية الفرمان ١٨٩٢..التى انتهت بالتسويه وتنازلت مصر عن سيادتها على العقبه وضبا والمويلح والوجه مقابل الاعتراف العثمانى بسيادة مصر على سيناء من خط يمتد من شرق العريش الى غرب العقبه والذى تم اعتباره بمثابة “تعيين لحدود مصر الشرقيه”. الثانيه: ازمةطابا ١٩٠٦،والتى انتهت بتعليم الحدود بموجب اتفاقية ١٩٠٦ (بين تركيا عن الجانب الفلسطينى وبريطانيا عن الجانب المصرى ) وذلك بعلامات على شكل خط مستقيم يبدأ من رفح ويسير فى اتجاه جنوبى شرقى الى نقطه تبعد ثلاثة اميال على الاقل غرب العقبه…وتم وضع علامات من العلامه رقم “١” عند رفح على البحر المتوسط الى العلامه رقم “٩١” على رأس طابا التى تشرف على رأس خليج العقبه. بعد ترسيم حدود مصر الشرقيه بوضع العلامات الحجريه مرقمه من ١ الى ٩١ تعرضت المنطقه على جانبى الحد للعديد من المتغيرات السياسيه ففى سنة ١٩١٤ اعلنت بريطانيا الحمايه على مصر بما يقضى انهاء تبعيتها لتركيا فكانت سيناء وفقا لهذه التبعيه مجالا للحرب بين تركيا وبريطانيا اثناء الحرب العالميه الاولى…وفى ١٩٢٢ تم اعلان الانتداب البريطانى على فلسطين الذى استمر حتى اعلان قيام اسرائيل ١٩٤٨ وخلال هذه الفتره شهد الحد السياسى زياده فى الحركه العابره بين مصر وفلسطين سواء على الطرق البريه او السكك الحديديه الت كانت تربط مصر بالشام آنذاك لان السلطه على جانبى الحد كانت واحده وهى بريطانيا،وبعد الاعلان عن قيام دولة الاحتلال الاسرائيلى توقفت الحركه تماما بين جناحى الوطن العربى وتمخض الصراع العربى الاسرائيلى عن عدة حروب هى ٤٨ / ٥٦ / ٦٧ /١٩٧٣ وبدون الخوض فى تفاصيل هذه الحروب فان ما يهمنا هو وضعية الحد السياسى..فبعدانسحاب اسرائيل من سيناء عقب العدوان الثلاثى تم وضع الحد تحت اشراف ومراقبه قوات الطوارئ الدوليه وانقطع الاتصال على جانبيه فيما عدا قطاع غزه الذى ظل تحت الاداره المصريه من ١٩٥٦ الى ١٩٦٧ثم جاءت النكسه لتنهى هذا الاتصال المحدود ولتبقى حدود حدود مصر الشرقيه وسيناء تحت وطأة الاحتلال حتى مرحلة الانسحاب الاسرائيلى الاخيره من سيناء فى ٢٥ ابريل ١٩٨٤ وفقا للمراحل التى اقرتها اتفاقية السلام ١٩٧٩ وفى هذه المرحله ماطلت اسرائيل كالعاده وادعت كذبا وزورا ان طابا جزء من اراضيها.
والسؤال الذى يطرح نفسه لماذا تمسكت اسرائيل بطابا ورفضت تسليمها فى مرحلة الانسحاب الاخيره ؟؟ وكيف استطاعت الدبلوماسيه المصريه الحصول على حكم المحكمه الدوليه بمصرية طابا ؟؟ سوف نجيب على هذه التساؤلات فى المقال القادم ان شاء الله. حفظ الله الجيش .. حفظ الله مصر.