إننابصدد الحديث عن عالم جليل يعتبرأعظم مؤرخي مصر في القرن العشرين لما أحدثه من طفرة في الدراسات التاريخية. ولد الدكتور أحمد محمد جاب الله شلبي في 3/7/1915 بقرية عليم التابعة لمركز أبوحماد بمحافظة الشرقية،إلتحق بكتاب القريةوحفظ القران الكريم وأتقن تجويده، ثم التحق بمعهد الزقازيق الدينى،وقد زامل فيه المشاهيرالكبارمنهم الشيخ محمد متولي الشعراوى،وأحمد هيكل، ومحمد عبد المنعم خفاجي،ومحمد فهمي عبد اللطيف،إلتحق بكلية دار العلوم التي تمنى التعلم بها بعدما قرأ قول الإمام محمد عبده فيها:(تموت اللغة العربية في كل مكان،وتحيا في دار العلوم)،ودرس علوم العربيةوالأدب والنقدوالتاريخ الإسلامي واللغات الشرقية،أتقن هذه العلوم،وتخرج من الكلية عام 1943م بإمتياز،حصل على درجة الماجستير من جامعة لندن،والدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة كمبردج بإنجلترا. المناصب التي تقلدها: عين مدرسا للتاريخ الإسلامي بكليةدار العلوم 1951م،وعندما قامت الثورة فى يوليو عام1952م أخذ موقفا معادياً منها،وطالب القادة الجدد بتفعيل الديمقراطية،وعودة العسكريين إلى ثكناتهم العسكرية بعد تنفيذ مهمتهم، وهى القضاء على الفساد وقد ندد بمساوئ الثورة،ويظهر هذا جلياً عندما أرخ لها فيما بعد فى المجلد التاسع من موسوعته الشهيرة،فطُرد من الجامعة مع مْن طُرد من كبار الأساتذة مثل:عبد العظيم أنيس،ولويس عوض،وغيرهم، بعدها عين في منظمة المؤتمر الإسلامي ،وإقترب من السادات وعرفه عن قرب وعندما أرخ لعصره فيما بعد لم يتحامل عليه مثلما تحامل على العصر الناصري،ثم سافر إلى اندونيسيا ليساعد في إنشاء الجامعة الإسلامية هناك،وعندماعاد إلى مصر عين أستاذاً ورئيساً لقسم التاريخ والحضارة بدار العلوم،كما قام بالتدريس بجامعات باكستان وماليزيا وأندونيسا،وكان عضوا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية والمجلس الأعلى للثقافة،والمركز العالمي للسيرة والسنة،وعضوا باليونسكو ،وشغل رئيس تحرير مجلة (الزهراء) “الصادرة عن جمعية الدراسات الإسلامية عن معهد الدراسات الإسلامية التابع لجامعة الدول العربية بالقاهرة” -حصل شلبي على وسام الجمهورية من مصر عام1983،ووسام من أندونيسيا سنة 1984،ووسام العلوم والفنون عام1988م مؤلفاته: أثرى المكتبة العربية بالمؤلفات القيمة لعل أشهرها موسوعه التاريخ الإسلامي” والمكونة منعشرة مجلدات،وقدتناولت كل العصور الإسلامية منذ بزوغ شمس الإسلام وحتى وقتنا الحاضر،وإستكمل المسيرة بموسوعة أخرى عن الحضارة الإسلامية في عشرة مجلدات أخرى،موسوعة الأديان أربعة مجلدات،أبو بكر الصديق حياته وعصره والمشكلات التي واجهها،العشرة المبشرون بالجنة،أبو عبيدة إبن الجراح،الإسراء والمعراج،الإسلام والقتال : هل انتشر الإسلام بالقوة أو بالدعوة،له مقالات في عدد من الدوريات وأحاديث في التلفاز و الإذاعة. شهادة حق للتاريخ ويرجع الفضل للدكتور شلبي في رفع الستارعن بعض العصور التاريخيةومنها العصر الأموي والدفاع عنه وأرّخ لها في المجلد الثاني من موسوعة التاريخع الإسلامي سارداً تاريخه السياسي، والإجتماعى والثقافي مترجماً لأعلام هذا العصر مثل:الخليفة معاويةوعبد الملك بن مروان وعمر بن عبدالعزيز، وهشام بن عبدالملك، ويكيفها فخراً ومجداً أنها حافظت على وحدة الدولةوقوتها من أواسط آسيا وحتى الحدود الجنوبية لفرنسا، تمجّد العربية وحضارتها،وتدافع عن الإسلام ضد الخارجين والشعوبيين والعدو المتربص على الأطراف يتحين الفرص للانقضاض عليها،وإن كان لها من أخطاء لا تصمد أمام إنجازاتها الكبرى، وكذلك أرّخ لكل الدول الإسلامية منذ دخولها في الإسلام وحتى الوقت الحاضر، في: آسيا، وأفريقيا، وأوربا،وذلك في المجلد السادس، والسابع، والثامن من الموسوعة حينما تكلم عن الدول الإسلامية غير العربية في هذه القارات. ومما يحمد للدكتور شلبي دفاعه المستميت عن دور الحضارة الإسلامية، والفكر الإسلامي في تنوير البشرية واهتمامه بما قدمه العلماء المسلمون في كل المجالات كالطب والرياضةوالفلك والكيمياءوالطبيعة. وفاته: ولكن حان وقت الرحيل،فقد خرجت روحه إلي بارئها في 20من أغسطس عام 2000م،رحم الله الدكتور شلبي رحمة وأسعة وأسكنه فسيح جناته وجعل ما قدمه من علم لخدمة الأسلام والمسلمين في ميزان حسناته.