مي علوش
لم يتصور أحد أن تكون الأمم المتحدة ، الجهة الأولى المسؤولة عن حقوق الإنسان في العالم، أن تكون أول من ينتهك أبسط الحقوق للموظفين العاملين في مقرها الرئيسي في واشنطن.
وكشفت منظمة الأمم المتحدة عما وصفته بالحقائق والنتائج الصادمة، التي أصبحت تعانيه أروقة الأمم المتحدة.
وأوضحت سِن إن مسؤولة كبيرة سابقة بالأمم المتحدة إنه ينبغي أن تقوم لجنة خارجية مستقلة بالتحقيق بشكل عاجل في مزاعم الاعتداءات الجنسية والفساد داخل المنظمة الدولية.
وكانت الأمم المتحدة قد ذكرت من قبل أنها ملتزمة بحماية “أي أشخاص صادقين يبلغون عن ارتكاب مخالفات”، ومحاسبة الموظفين المسؤولين.
وقالت سِن إن على الأمم المتحدة أن تتحمل المسؤولية، وتنفذ التوصيات التي تصدر عن أي لجنة يتم تشكيلها للنظر في القضية.
وتأتي تصريحات بورنا سِن المتحدثة السابقة باسم الأمم المتحدة في أعقاب تحقيق تليفزيوني كشف النقاب عن أن عددا من موظفي المنظمة الدولية الذين حاولوا الإبلاغ عن مخالفات مزعومة أقيلوا من وظائفهم.
ويشمل الفيلم الوثائقي الذي أنتجته بي بي سي، والذي يحمل عنوان The Whistleblowers: Inside the UN تفاصيل لمزاعم فساد وغض الإدارة الطرف عن مخالفات وحالات اعتداءات جنسية.
كما قالت بورنا” سِن ” التي عينت متحدثة لشؤون مكافحة التحرش والاعتداء والتمييز في عام 2018 إن هناك موظفات لدى الأمم المتحدة تعرضن للاعتداء اللفظي والتحرش والاغتصاب، وإنه كلما سُمح للرجال بالإفلات من العقاب، “كلما تمادوا في ارتكاب أفعالهم”.
وللأمم المتحدة وضعية قانونية محمية، ويتمتع كبار مسؤوليها بالحصانة الدبلوماسية من أي قوانين وطنية.
هذه الحصانة مُنحت للمنظمة الدولية لحمايتها من أي تدخلات في عملها. ولكن الأمم المتحدة تقول إنها لم تُمنح لمسؤوليها من أجل فائدة شخصية، ومن ثم فإنها لا تحمي هؤلاء الذين يرتكبون جرائم مثل الاعتداء الجنسي.
كما يتم التعامل مع كافة شكاوى الموظفين داخليا. وينظر مكتب خدمات الرقابة الداخلية في الادعاءات الأكثر خطورة، بما في ذلك مزاعم ارتكاب جرائم، ولكنه لا يتمتع بأي سلطة قانونية.
يقول” سوانسون” في التسجيل أيضا إنه أخبر الأمين العام وغيره من كبار المسؤولين بمزاعم الاعتداء الجنسي، ولكنه سرعان ما مُنع من مواصلة التحقيق في الأمر: “لقد حاولت أن أنقل هذه الرواية..ولكنني أُجبرت على السكوت.
زكشف بيتر غاللو، عن وجود مخالفات وسلم التسجيل الصوتي لبي بي سي قال للوثائقي: “لقد عملت على مدى أربع سنوات كمحقق في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وقد جعلتني تلك التجربة أعتقد بأن المنظمة تعج بالفساد من القاع إلى القمة”.
كما تقول مارتينا: “الاستغلال و الانتهاكات والتحرشات الجنسية في الأمم المتحدة تحدث في المقر، تحدث في أيام العمل الأسبوعية من الاثنين إلى الخميس. إنها تحدث خلال ساعات العمل المعتادة، تحدث في كل مكان”.
وتقدمت” مارتينا” بشكوى رسمية وتحدثت إلى محقق الأمم المتحدة. ولكنها تقول إن الأمم المتحدة وبرنامج مكافحة الإيدز “انتقما مني بطرق حقيرة ومؤلمة للغاية”.
وتابعت: “إن هذا شيء مؤلم جدا، لأنني أشعر وكأنني تعرضت للاعتداء مرة أخرى، وكأنهم لا يمنحوك الفرصة للتنفس”.
وفي عام 2018، تقاعد لويز لوريس من عمله في الأمم المتحدة، التي شكرته على “خدمته المتفانية على مدى 22 عاما”.
وصرح لوريس لبي بي سي قائلا: “لم أتحرش بأحد ولم أعتد على أحد على الإطلاق، هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة”.
في أغسطس عام 2021، تلقت مارتينا خطابا من الأمم المتحدة يقر بأنها “تعرضت للتحرش الجنسي على مدى فترة زمنية طويلة”، ولكن فيما يتعلق بمزاعم تعرضها للاعتداء الجنسي عام 2015، تم التوصل إلى استنتاج بأن “شيئا صادما حدث لك يتوافق مع روايتك للموقف”، لكن النتائج التي تم التوصل إليها “لا تتطابق مع معايير الإثبات”.
لكن سِن صرحت لبرنامج Newsnight بأن الروايات التي تضمنها الوثائقي تدلل على أن الأمم المتحدة لم تف بوعودها بشأن سياسة عدم التهاون مطلقا مع المخالفات، وأنه لا يزال يتعين عليها قطع “شوط طويل”.
وتقول سِن : “سواء كان فسادا أم احتيالا أم تحرشا جنسيا، يشعر موظفو الأمم المتحدة بأنهم لا يستطيعون حتى مجرد تقديم شكوى، وبأن الشكاوى يتم ردها قبل التدقيق فيها كما ينبغي. ولا تتاح لهم إجراءات بديلة أو يتمكنون من الاستئناف”.