تغطية : بشير حافظ -سمير سري -سامح السيد -محمد ثروت -أسماء سعفان -بسنت عبدالمنعم
استقبل أهالي محافظة الشرقية وسط حالة من الحزن الشديد والصمت الأليم والوجوه البائسة والدموع الغزيرة، نبأ استشهاد ثلاثة من خيرة شبابها الذين راحوا فدائا وتضحية للوطن وسالت دمائهم على أرض سيناء الطاهرة بعد معركة دامية مع أعداء الوطن والدين الذين لا دين لهم.
ففي مدينة العاشر من رمضان شيع الآلاف من الأهالي بحزن شديد ووجوه بائسة مغمورة بالبكاء، جثمان الشهيد العقيد أركان حرب أحمد صابر محمد المنسي قائد الكتيبة 103 صاعقة والذي تولى قيادتها خلفا للعقيد رامي حسنين الذي استشهد في اكتوبر 2016.
الشهيد الذي ولد في قرية بني قريش التابعة لمركز منيا القمح وبعدها ترك القرية وذهب ليقطن بمدينة العاشر من رمضان بعد أن تزوج.
ووسط حالة من الإنهيار الشديد حزنا على وفاة شقيقه الأكبر، تحدث المهندس محمد صابر محمد المنسي، لعيون الشرقية الآن قائلا: “حسبي الله ونعم الوكيل.
. دول مش مسلمين ممكن يكون مكتوب في البطاقة مسلم آه بس والله لا يمكن أنهم يكونوا مسلمين ولا يعرفوا دين” واستطرد قائلا: “هتوحشني يا أخويا وهفضل فاكرك وهتفضل موجود بينا.. نام وارتاح يا أحمد وان شاء الله زمايلك هيجيبوا حقك، أنت بطل ودافعت عن وطنك وعرضك لآخر لحظة في عمرك”.
وفيما يخيم الهدوء على الموقف وتوافد الأهالي لتعزية الأهل في المصاب الجلل، أكد “طلال مهدي” أحد أقارب الشهيد، أن الشهيد كان يتمتع بحسن الخلق والسمعة الحسنة، وكان شخصية وطنية ومرحة ومتواضعة، مضيفا أن الشهيد متزوج ولديه 3 أطفال .
ولدين وبنت، أكبرهم “حمزة” في المرحلة الإبتدائية. وتابع : “رغم شعورنا بالحزن والألم لفقدان الشهيد إلا أننا نشعر بالفخر بموقفه البطولي، ورفضه ترك جثث الشهداء والمصابين حتى آخر قطرة من دمائه التي سالت دفاعا عن أرض الوطن والشعب”.
وأضاف “محمد كامل عرفة”، أحد الأهالي، أن مثل هذة العلميات الإرهابية الخسيسة لن تنال من وحدة الوطن فالشعب والجيش والشرطة على قلب رجل واحد، مطالبا بضرورة تطهير مصر من كافة البؤر الإرهابية ودحر الإرهابين في جحورهم والقصاص السريع لهؤلاء الشهداء. وكانت جنازة الشهيد قد خرجت من مسجد التوحيد بمدينة العاشر من رمضان لمواراته إلى مثواه الأخير بمدافن الأسرة، وتقدم الجنازة اللواء خالد سعيد محافظ الشرقية وقائد قوات الصاعقة بالقوات المسلحة،
وعدد من القيادات التنفيذية والأمنية والشعبية بالمدينة، وعدد من رجال الدين الإسلامي والمسيحي. ومن مدينة العاشر من رمضان إلى قرية المناجاة الكبرى بمدينة الحسينية، حيث ودع المئات من أهالي القرية، وسط حالة من الحزن الشديد، جثمان الشهيد مجند “أحمد محمد علي” 22 عاما، إلى مثواه الأخير. وبصوت خفي مكلوم، وقد أنتابت الحاجة “صابرين” والدة الشهيد حالة من الهياج والإنهيار، تحدثت “عيون الشرقية الآن” قائلة: “اليوم ابني عريس باركولي.. هتوحشني يابني.. ربنا ينتقم من اللي حرق قلبي عليك”.
وأضافت أنها كانت دائمة القلق على نجلها منذ التحاقه بالقوات المسلحة بسبب تكرار العمليات الإرهابية في سيناء، مشيرا أنها طالبته أكثر من مرة بتوخي الحذر واليقظة للدفاع عن الوطن ومطاردة الأعداء. واستطردت ” كنت بعد الأيام والليالي منتظرة ينزل ويقضي معانا الأجازة ويبقي وسطنا”. وتابعت قائلة : “ربنا عاوز ابني واختاره.. هو عاش راجل ومات راجل.. وربنا ينتقم من الكفرة والجبناء اللي قتلهم”.
وبصدمة شديدة نتيجة لما حدث والذي لم يكن يتوقعه، عبر محمد خاطر على ابن عم الشهيد المجند، عن حزنه قائلا : “إن الشهيد كان دائم الدعاء من الله لنيل الشهادة في سبيل الله، وفي آخر أجازة بعيد الفطر ، أخبر أسرته أنه يتمنى الشهادة في سبيل الوطن وانه حاسس أنه هيموت قريب ومش هيشوفهم تاني”.
وأضاف أن الشهيد هو أصغر أشقاءه، ودائما ما كان يساعد والده الذي يعمل مبيض محارة في أجازات الجيش، بعد سفر شقيقه الأكبر “محمد” للعمل بالخارج، مشيرا أن الشهيد قضى من خدمته 6 أشهر فقط، وكان يتسم بحسن الخلق والتواضع وحب الجميع. وكانت جنازة الشهيد قد خرجت من المسجد الكبير بقرية المناجاة الكبرى لمواراته إلى مثواه الأخير، وسط هتافات من أهالي القرية مرددين “لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله” و”لا إله إلا الله.. الإرهاب عدو الله”، “القصاص.. القصاص”
. وتقدم الجنازة مندوب من القوات المسلحة ورئيس مدينة الحسينية والمهندس فخري عبدالله مساعد المحافظ للمشروعات التنموية مندوبا عنه ومأمور مركز الحسينية، وعدد من القيادات التنفيذية والشعبية. وعلى الطريق الرئيسي الرابط بين مركزي ههيا والزقازيق، وفي منتصف الطريق حيث الحزن والصراخ والألم للفراق وسط اصطفاف العشرات من أهالي قرية الشبراوين التابعة لمركز ههيا، والمئات من القرى المجاورة الذين جاءوا ليقدموا واجب العزاء في شهيد الواجب الوطني الذي راح ضحية غدر الإرهاب، الشهيد النقيب “أحمد عمر الشبراوي” شهيد كمين البرث.
ووسط هذة الحشود وقف شقيق الشهيد في جانب بعيد عن أعين الناس غير مدرك ما يحدث وكأنه يعيش في حلم يتخلله كابوس وهو وفاه شقيقه الذي كان بالنسبة له كل شيئ والذي دائما ما يملئ المنزل بهجة وسرور لبشاشة وجه ودمه الخفيف واحترامه لوالده ووالدته وحبه للجميع، بهذة الكلمات بدأ “محمد عمر الشبراوي” شقيق الشهيد حديثه لعيون الشرقية الآن.
وأضاف شقيق الشهيد أنه خدم في مدينة رفح 4 سنوات ثم انتقل بعدها ليخدم بالكلية الحربية قبل أن يعود مرة أخري للعريش منذ 3 سنوات، مشيرا أن الشهيد دائما ما كان يودعهم بعد قضاء أجازته معهم قائلا: ” أنا لو مت هكون شهيد محدش يزعل عليا، لازم تفرحوا وتفتخروا بيا، وخلي بالكوا من ابني”.
وداخل مسجد القرية، جلس الحاج “عمر الشبراوي” والد الشهيد، بعيدا عن المعزيين وضجيج الصراخ والبكاء يقرأ القرآن لعله يخفف عنه آلام الفراق ويصبره على فقدان نجله، وبعد السلام وبالتحدث معه عن المصاب الجلل، تحدث قائلا: “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”.. “منهم لله يتموا حفيدي بدري.. ابني بطل ومات راجل وهو بيدافع عن الوطن وتابع قائلا “أنابحتسبه عند الله شهيد.. ومش عاوز حاجة من حد.. ادعوله بالرحمة .. القصاص القصاص ياريس”.بهذة الكلمات أنهى والد الشهيد حديثه لعيونالشرقية الآن،وبعدها انهمر في البكاء إلى أن فقد الوعي، وبعد أن فاق وإذ به يقوم وأمام المعزيين قائلا: “ابني مات سامحوه.. سامحوه، محدش يزعل منه”. وأكد “أحمد الأحمدي” ابن عم الشهيد أنه من أنقى وأطيب الشخصيات ويتمتع بسمعة طيبة ولم يختلق أي مشكلة مع أحد ودائما ما كان بارا بوالديه.
يذكر أن والد الشهيد كان يعمل وكيل وزارة الجهاز المركزي للمحاسبات، وخرج على المعاش منذ 5 سنوات، ووالدته تعمل حاليا وكيل مدرسة أحمد عرابي الإبتدائية بالزقازيق.
وفي موقف غريب استشار حفيظة المشيعين لجنازة الشهيد النقيب أحمد الشبراوي، قام أحد نواب مدينة الزقازيق باصطحاب سيارة ربع نقل محمل عليها مكبرات للصوت وظل يندد بالعمليات الإرهابية للظهور أمام أهل دائرته وللشو الإعلامي، مع العلم أن هذا النائب منذ نجاحه في الإنتخابات البرلمانية لم يتواخد في الشارع ولم يقدم خدمات تذكر على أرض الواقع لأهالي الدائرة.وحدثت مشادات كلامية بين النائب والمشيعيين لإستفزازهم، ولولا تدخل العقلاء من المتواجدين كادت أن تحدث اشتباكات بين النائب وبعض المتواجدين.