كتب : بشير حافظ وروضة فوزي
هو فدائي من نوع خاص وهب حياته للدفاع عن أرض الوطن.. قدم روحه على طبق من ذهب في سبيل حماية تراب مصر.. لما لا وهو «الضابط» الذي أرعب الإرهابيين في أرض الفيروز، وحاصرهم ليلًا ونهارًا، بعد أن شارك بل وتصدر الصفوف الأولي لأبطال القوات المسلحة في حملات دك مخابئ الإرهاب الأسود في سيناء.. إنه الشهيد النقيب ” محمد أحمد إسماعيل” ، إبن قرية تل مفتاح التابعة لمركز أبوحماد.
” عيون الشرقية الآن” ، زارت أسرة الشهيد في مسقط رأسه بقرية تل مفتاح التابعة لمركز أبوحماد ، وتحدثنا مع أسرته ، لتسليط الضوء على بطولاته وحياته العسكرية، فضلًا عن أخر وصايا الشهيد لأهله وجيرانه، وإلى نص الحوار.
الحاجة ثناء منصور والدة الشهيد ..في البداية حدثينا عن طفولة الشهيد؟
- محمد كان محبوبًا بين الأهل والجيران، وكذلك مدرسيه في مراحل تعليمه المختلفة، وأيضا نابغا في دراسته وابن بلد، فتربي على الأخلاق والأصول، كما كان يعمل خيرًا كثيرًا في صمت ولم ينعكس لي كل هذا إلا بعد رحيله.. ومحمد هو إبني الأكبر وله أخ آخر إسمه محمود خريج كلية هندسة ، ووالدهم توفي عام 2014 ..كما أن حديث أهل البلد عن أخلاقه يشعرني بمدى قيمة إبني بين الناس، فكان يفعل أكثر مما علمناه بين أهل بلده ، وكان يحرص على تقديم العون لأهل بلده بشتى الطرق ، وكان يتميز بالطيبة والخلق الحسن والجميع يشهد بأخلاقه.
متي إلتحق الشهيد محمد بالكلية الحربية؟
- التحق بالكلية الحربية عام ٢٠٠٨ وتخرج منها ٢٠١١ ، و كانت بداية مهامه الوطنية في السلوم وانتقل عام ٢٠١٤ الي وحدة التدخل السريع ، وفي الفترة الأخيرة إنتقل إلي سيناء .
إذن.. إلتحاقه بالكلية الحربية كان رغبة شخصية؟
- نعم، الشهيد سعى لذلك كثيرًا، فكانت الكلية الحربية هدفه الوحيد في الثانوية العامة، وتميز فيها بعد إلتحاقه بها، وكان محبوبا بين قياداته وزملائه، وقويا في التدريبات، مما عكس شخصية محمد أمام كبار القادة، وكل ذلك أهله إلى العمل في المواقع الشاقة.
بماذا شعرتي حينما إنتقل الشهيد محمد إلي سيناء ؟
- شعرت والأسرة كاملة بالخوف على محمد ، لاسيما وأنه كان دائما يقول ” نفسي أبقي شهيد فكانت أمنية حياته الإستشهاد في سبيل وطنه” .
وهل كنتِ تتوقعين تلك الجنازة المهيبة؟
- حضر الجنازة الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية واللواء جرير مصطفي مدير أمن الشرقية ، والنائبين أحمد فؤاد أباظة وثروت سويلم الذين مازالوا يتواصلون معنا لبحث طلباتنا حتي اليوم ، والدكتور علي المصيلحي وزير التموين ، و قادة القوات المسلحة والمستشار العسكري وزملاء الشهيد من الضباط والجنود كانت جنازة مهيبة أشبه بالعرس أو الزفة.
محمود أحمد اسماعيل خريج كلية الهندسة وشقيق الشهيد..حدثنا عن آخر لقاء دار بينك وبين الشهيد ؟
- محمد كان إنسان طيب وخلوق وخدوم للجميع ، وفي آخر إجازة قبل استشهاده كان يشعر بالشهادة ، والشهيد لديه خمسة أصدقاء وفي آخر لقاء وصاهم بأنه إذا إستشهد أن يكتب اسمه علي مدرسة تل مفتاح الإبتدائية ، وبالفعل قدم النائب أحمد فؤاد أباظة طلب للدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية ووافق علي إطلاق إسم الشهيد محمد أحمد إسماعيل علي مدرسة تل مفتاح الإبتدائية.. ومحمد آخر لقاء لي معه كنت أجلس بغرفتي وفوجئت بأنه يطرق باب الغرفة ويعطيني أموالا بيقولي” خلي الفلوس دي معك” قولتله معي فأصر علي يعطيني الفلوس.
كيف تلقيت خبر إستشهاد النقيب محمد شقيقك؟
- تلقيت خبر إستشهاد محمد بالصدمة والفاجعة ، حيث أنني فوجئت باتصال من أحد أصدقاء الشهيد يبلغني أن محمد مصاب وتم تحويله إلي مستشفي القصاصين ، فأنا قلبي كان حاسس أنه استشهد لأنه جالي أكثر من تليفون وبيستعجلوني أذهب لمستشفي القصاصين ، وعند وصولي للمستشفي وجدت شقيقي إستشهد.
سمية حسني والدة زوجة الشهيد ووكيل مدرسة تل مفتاح الإبتدائية..حدثينا عن الشهيد ؟
- الشهيد كان من أطيب القلوب ويوم عيد الأم الماضي أجرى مكالمة هاتفية وكأنها كانت الأخيرة ، إتصل ” عشان يقولي كل سنة وأنتي طيبة ياماما ” بأجمل الكلمات..والشهيد محمد كان إنسان خلوق ومتدين وكان محب لبلده ووطنه ، ومنذ عرفناه لم نري منه سوي كل خير ، ويعامل إبنتي ” زوجته” بكل حب وطيبة وأفضل وأرقي معاملة ، محمد كان ملاك ورجل بمعني الكلمة.
زوجة الشهيد ..حدثينا عن الشهيد النقيب محمد أحمد إسماعيل ؟
- أنا إيمان محمد عبدالمعطي حاصلة علي ليسانس تربية ، وأعمل بكلية حاسبات ومعلومات جامعة الزقازيق ، وزوجة الشهيد ولدينا طفلان أحمد الأكبر يبلغ من العمر عامان ونصف ، و آسر الأصغر يبلغ عام وثلاثة أشهر ، والشهيد محمد كان إنسان خير وبالذات في الفترة الأخيرة كان يكثر من أعمال الخير ،ومنذ فترة إنتقاله إلي سيناء وأنا أشعر بقلق شديد وتشتت وقلة النوم ٢٤ ساعة فكنت أعيش في توتر وخوف علي محمد وزملاؤه في الكتيبة ، ويمكن إللي كان بيصبرني أن محمد وزملاؤه كانوا يتعاملون كشخص واحد وكانوا” بيخافوا جداً علي بعض” ، معاملة أخوية وهدفهم واحد هو الحفاظ على السلام والأمن الوطني وتحرير أرض سيناء الحبيبة من الإرهاب الأسود الخسيس ، والشهيد محمد قد تم إختياره من قبل للسفر إلي الإمارات لاتمام مهمة معينة وتم تكريمه واستلامه شهادة تقدير.
وأضافت زوجة الشهيد ” محمد وزملاؤه مكانوش بيناموا عشان يطهروا بلدنا من الإرهاب الأسود” ..ويوم استشهاده إتصل بي ثلاث مرات علي فترات لأن الشبكة هناك ضعيفة ، وآخر مكالمة سألني عاملين إيه والأولاد وماما والأسرة كاملة وقالي خلي بالكم من نفسكم وقفل معي ، وفوجئت الساعة العاشرة مساءاً بأحد الجيران يدق الباب ويقولي محمد استشهد ، ” أنا مصدقتش وقولتلهم محمد لسة مكلمني انتوا بتضحكوا عليا” ولكنها كانت الصدمة.
وأشارت زوحة الشهيد إلي أن الشهيد محمد آخر إجازة فضل أحمد إبنه سهران معه ودي كانت أول مرة تحصل ، ومحمد كان متعلق جدآ بأبنائه خصوصاً آسر الصغير ..ودلوقتي أحمد دائما يقولي عاوزين نروح الجنة ياماما عشان نقابل بابا ، بينما آسر الأصغر بيفضل يتجول في غرف المنزل وببحث عن والده.. وأنا أتمني أن يوجد حل جزري لهؤلاء الجبناء الأخساء وتطهير سيناء مرة واحدة ، فنحن نتألم عندما يسقط كل يوم شهيد من ابناؤنا علي يد هؤلاء الجبناء الأخساء.. وأسأل الله أن يحفظ جيش مصر ورجال الأمن خصوصاً أبطال القوات المسلحة بسيناء. - أحمد إبراهيم أبو زينة موظف بالشباب والرياضة و أحد أهالي القرية ..ماذا كنت تعلم عن الشهيد البطل النقيب محمد أحمد إسماعيل؟
- الشهيد النقيب محمد أحمد إسماعيل يعد من أفضل الشخصيات بقرية تل مفتاح بل ومركز أبوحماد بصفة عامة ، فكان مثالاً للتواضع والطيبة وشجاعة وشهامة أولاد البلد ، وكان خدوما لايتواني لحظة في تلبية طلبات أهل بلده من يقصدونه لمساعدتهم ، وكان دائما يعتاد المساجد متدينا ، شابا طموحا منذ الصغر ، وخبر إستشهاده كان بمثابة الفاجعة لكل أهل أبوحماد عموماً، وجنازته كانت خير دليل علي محبة الناس له ولأسرته.. الشهيد النقيب محمد بطل إستشهد وهو يواجه جماعات الظلام الإرهابيين الجبناء الأخساء ، ولكي تبقي مصر ، ورغم أن فراقه صعب علينا جميعاً إلا أننا نحتسبه عند رب العالمين من الشهداء ، الذين دافعوا عن بلدهم ووطنهم الغالي مصر وأسأل الله تعالى أن يوفق زملاؤه وأن يحفظهم ويعينهم علي تطهير بلدنا من الإرهاب الغاشم.
وأخيرًا.. ماذا عن مطالبكم؟
- ليس لدينا مطالب، إلا إننا ندعو جموع الشعب المصري بدعم الجيش والشرطة والرئيس عبدالفتاح السيسي لإجهاض مخطط الإرهاب ومافيا إسقاط الأوطان، وخاصة مصر، وبالتحديد أرض الفيروز «سيناء»، ونطالبهم أيضًا بزرع الوطنية في نفوس وقلوب أطفالهم، لأن بلدنا قطعة من الجنة وتستحق، فهي مهد الحضارة والتنمية على مر التاريخ، وستعود مصر قريباً لريادة الشرق الأوسط والعالم.