ربما تكون هي الأولى التي أتناول الحديث عن فن الغناء .. عن فنان يملك ناصية الكلمة الشعرية ، واللحن ، والطرب ، وهب نفسه وحياته للفن ، وأكد على أن الفن رسالة يمكن بها تقويم وتهذيب المشاعر والأحاسيس ، يمكن بها تصويب الأخطاء ، يمكن بها تغير مصير الإنسان والشعوب ، يمكن بها إنهاء الحروب ، يمكن بها إقامة السلام ، يمكن بها إرساء قيم الخير والحب والعدل والجمال . والحقيقة أنني قد اعتدت الكتابة عن ديوان شعر ، أو عن مجموعة قصصية ، أو عن رواية ، أو أكتب المقال الأدبي أو الصحفي ، أو أكتب في المسرح ، ومن خلال كتاباتي ألقي الضوء على ملامح النصوص ، وما فيها من إيجابيات وسلبيات ، ذلك لإثراء عملية التقييم والتوجية والإرشاد ، التي آمن بها ، بأنها ضرورية في النقد الأدبي . ولكن هذه المرة ، التي أنا بصددها ، جذبتني رغبة شديدة للحديث عن فنان أدهشني صوته العذب ، وألحانه السلسة ، وكلامه الشعري ، استمعت إليه عبر اليوتيوب ، وأبهرني تعدد ملامحه وقدراته الفنية والأدبية ، فهو يكتب أحياناً أغانيه ، وهو يقوم بتلحين كلامه وكلام غيره ، وهو يغني ويطرب الأرواح بصوته الرخيم الجميل ، وقلما تجد مثله متعدد المواهب .. ذلك هو الفنان العربي السوري .. عز الدين الأمير .
إن الأغنية في حد ذاتها هي نبض يسري في الوجدان ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمر علينا حين نسمعها مرور الكرام ، عندما تترك حلاوتها وشجنها وروعتها وعذوبتها ، وما هدفت إليه ، فلابد وأن تتأثر بها الأفئدة ..!!
والأغنية إنسانية بطبعها ، فقد كتبها وأعدها للغناء الشاعر الإنسان ، وقام بتلحينها الملحن الإنسان ، وقام بالغناء والتطريب المغني أو المطرب الإنسان .
وبعيداً عما نسمعه في الفضائيات من هراء يسمى بأغاني المهرجانات ، يوجد وبقوة على الساحة الفنية بعض الفنانين ، ما زالوا يتواصلون مع الأصالة والحداثة في الأغنية العربية ، ويجمعون شتات قيمتها ، لبعثها وإحيائها من جديد .
وأجد مما سمعت من أغاني للفنان العربي السوري عز الدين الأمير ، أنه دائم البحث عن القيمة الإنسانية ، باعتبار أن هذه القيمة تبقى مع مرور الزمن ، ويسعى لتقديم الطرب الأصيل ، بما يحمل من كلام هو رسالة ، تخاطب العواطف والمشاعر ساعة الألم ، والحزن ، والفرح ، فهو في كل الأحوال يغني ، وللوطن في انتصاراته يغني ، وفي محنه وأزماته يغني ، فيبعث الأمل ، ويقوى الهمم ، ويغني لغذاء الإرواح ، ويغني لتقويم القيم الإنسانية ..!!
فنان مثل عز الدين الأمير يتأثر بدمعة طفل ، أو بظلم وقع على إنسان ، أو بقهر إنسان وتشريده من وطنه ، بالحروب التي تدمر وتحرق وتخرب ، فيتأثر بكل هذا ، ويشعر المتلقي بحزنه وألمه من خلال الغناء ..!!
هو فنان إنسان يسعى إلى الأفضل ، حين يختار كلماته ، وحين يلحنها ، وحين يغنيها ، ليجعلها تتغلغل في وجدان الإنسان ، لتقاسمه مشاعر الآخر .. !! الفنان عز الدين الأمير ، هو مدرسة فنية إنسانية للغناء ، بما يقدمه من إبداع تستعذبه المشاعر والأحاسيس ..!!