كتب : سمير سري
قال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إن العملية العسكرية الأمنية الشاملة “سيناء 2018″، حظيت باهتمام كبير ومستمر من معظم وسائل الإعلام الدولية سواء بالتغطية أو بالتحليل.
وأضاف رشوان، أن القوات المسلحة قررت وضع نهاية للعمليات الإرهابية التى تصاعدت فى مصر منذ أن أسقط شعبها بثورة 30 يونيو حكم الإخوان وتحالفهم مع جماعات التطرف والإرهاب.
وأشار رشوان، أن الهيئة العامة للاستعلامات طرحت ملاحظات هامة على تغطيات بعض وسائل الإعلام الدولية خلال الفترة الماضية لمجموعة قضايا ذات صلة بعملية “سيناء 2018″، جاء أبرزها:
ما يثار حول القوات المسلحة
وفق دستور البلاد فى ديباجته التى تعد مع جميع نصوصه نسيجًا مترابطًا وكلًا لا يتجزأ، ظل الجيش المصرى الوطنى منذ تأسيس محمد على الدولة المصرية الحديثة، هو عماد هذه الدولة، الذى انتصر للإرادة الشعبية الجارفة فى ثورة 25 يناير و30 يونيو التى دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية، واستعادت للوطن إرادته المستقلة.
من هنا تأتى عملية “سيناء 2018” التى يقوم بها الجيش ووزارة الداخلية بالتعاون الوثيق مع جميع مؤسسات الدولة، لكى تؤكد عمليًا الوجه الأول للدور التاريخى والدستورى لجيشنا الوطنى كعماد للدولة، باعتباره اليد التى تحمل السلاح لحماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها.
وتؤكد العملية أيضًا زيف وكذب كل التشكيك الذى يشيعه الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم، وتردده بعض وسائل الإعلام الدولية، حول الوجه الآخر للدور التاريخى والدستورى للجيش “عماد الدولة” باعتباره اليد التى تبنى، وزعمهم طغيانه على دوره الدفاعى من حيث القدرة والأداء.
فالجيش المصرى يواصل خلال السنوات الأربع الأخيرة تطوير قدراته العسكرية الشاملة، مما رفع ترتيبه لعام 2017 لأول مرة إلى 10 أقوى جيوش العالم وفق التصنيف الدولى، ولم تؤثر بذلك الجهود التنموية الكبيرة التى يقوم بها الجيش المصرى لإعادة بناء الدولة الحديثة بوصفه عمادها، وأنه جيش قوامه الرئيسى من المجندين الذين هم أبناء الشعب المصرى، على تطويره لقدراته العسكرية وقيامه بوظيفته الدفاعية، بل زاد تقدمه بين ترتيب جيوش العالم على هذا الصعيد.
ما يثار حول سيناء
تداولت بعض وسائل الإعلام الدولية مؤخرًا بعض الإشاعات التى مصدرها الرئيسى هو الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم، حول الأوضاع فى سيناء، والتى تؤكد عملية “سيناء 2018” زيفها وكذبها.
تؤكد عملية “سيناء 2018” أن السيادة المصرية على كامل شبه جزيرة سيناء كاملة وشاملة وتامة، فالقوات المسلحة المصرية ومعها وزارة الداخلية ومؤسسات الدولة الأخرى، تنتشر فى كافة أرجاء سيناء باسطة عليها كل مظاهر السيادة الوطنية دون منازع ولا قيد واحد على ممارستها لها من أى طرف كان.
كما تؤكد بحجمها الهائل التى يقودها الجيش المصرى وحده متعاونًا مع جهات الدولة المصرية الأخرى، الكذب التام لكل ما تداولته بعض وسائل الإعلام الدولية مؤخرًا، حول تدخلات عسكرية مزعومة لأطراف إقليمية فى سيناء لمكافحة جماعات الإرهاب، فالدولة المصرية لا تحتاج فى ظل امتلاكها للجيش العاشر فى ترتيب أقوى جيوش العالم لأى مساعدة خارجية، وهى من ناحية أخرى لا يمكن أن تسمح بأى تدخل يخل بسيادتها الكاملة والشاملة والتامة على كل شبر من سيناء.
فى نفس السياق، تؤكد عملية “سيناء 2018” ثبات الموقف المصرى من محاولات بعض القوى الدولية الكبرى فرض رؤيتها للقضاء على الإرهاب فى سيناء على مصر، وإصرار قيادتها على قيامها به مستقلة عبر القوات المسلحة والشرطة وبقية أجهزة الدولة المصرية.
وقد أشار لهذا الرفض بوضوح مقال نشرته صحيفة النيويورك تايمز مؤخرًا، وجاء به أن القاهرة تجاهلت العروض الأمريكية بتدريب القوات المصرية على تكتيكات الرد على عمليات الإرهاب فى سيناء وبالتالى دحره، وهو ما دفع كاتبى المقال إلى اعتبار مصر حليفًا مزعجًا.
وتوضح عملية “سيناء 2018” عمليًا وبصورة لا تحتمل التأويل، الكذب الصريح الذى يشيعه الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم، وتتابعهم فيه بعض وسائل الإعلام الدولية، حول مزاعم توطين الفلسطينيين فى سيناء، فإذا كان هدف العملية هو القضاء على الإرهاب فى سيناء، فهو يأتى ضمن تأكيد كامل السيادة المصرية عليها دون تفريط فى أى شبر منها، وقد سبق لمصر أن أكدت عدة مرات على كذب هذه المزاعم.
ذلك فضلاً عن مؤشرات أخرى تؤكد هذا الكذب منها أنه فى 31 يناير 2015، وعقب عملية إرهابية غادرة ضد قوات الجيش قتلت وأصابت عشرات منهم، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى بحسم أمام الكاميرات وبحضور القيادات العليا للجيش المصرى: “إحنا مش حانسيب سينا لحد، يتبقى بتاعة المصريين يا نموت”.
وفى 23 فبراير 2017، أكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية بعد اجتماع عقده الرئيس عبدالفتاح السيسى مع قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة، فى إشارة إلى أكذوبة توطين الفلسطينيين بسيناء، أنه “من غير المتصور الخوض فى مثل هذه الأطروحات غير الواقعية وغير المقبولة، خاصة وأن أرض سيناء جزء عزيز من الوطن، شهد ولا يزال يشهد أغلى التضحيات من جانب أبناء مصر الأبرار”.
ودعا المتحدث الرسمى إلى عدم الالتفات إلى مثل هذه الشائعات، التى وصفها بأنها لا تستند إلى الواقع بأى صلة، ويُثيرها البعض بهدف بث الفتنة وإثارة البلبلة وزعزعة الثقة فى الدولة.
وفى 28 فبراير 2017 أعلن الرئيس السيسى بنفسه فى لقاء مع طلبة البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب على القيادة: “فى سيناء أناس قدمت ومازالت تقدم أرواحها كى تظل مصر، وسيناء ستبقى ملكًا لمصر، وليس كما يحاول البعض أن يؤثر عليكم يا مصريين ويقول كلامًا آخر”.
وفى صبيحة البدء بعملية “سيناء 2018″، أعلنت حركة حماس أن وفدًا رفيعًا منها يقوده إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى للحركة، وصل إلى القاهرة فى زيارة تأتى ضمن ترتيبات مسبقة، فى إطار التشاور مع مصر للتخفيف عن أهل قطاع غزة واستكمال تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية، وضمن الجهود المشتركة من أجل القضية الفلسطينية ومواجهة القرار الأمريكى الأخير بشأن القدس ومواجهة الاستيطان.
ويكفى هنا التساؤل لتأكيد كذب وزيف كل ما يشاع عن توطين الفلسطينيين فى سيناء وربط هذه الأكذوبة بعملية “سيناء 2018″: هل زيارة وفد حركة حماس الرفيع بقيادة رئيسها لمصر فى ظل هذه العملية وقبلها زيارة على نفس المستوى فى سبتمبر 2017، يمكن أن تتسق مع تلك الأكذوبة إلا إذا كانت حركة حماس شريكًا فى هذا التوطين المزعوم الكاذب؟ وإذا كان الموقف المعروف لحركة حماس هو رفض هذا التوطين المزعوم، فهو نفسه رأى السلطة الفلسطينية الذى أعلنه رئيسها محمود عباس مرات عديدة مؤكدًا على أن الفكرة لم تطرح أبدًا من الرئيس السيسى، وهو ما أكد عليه مرات عديدة أيضًا المتحدث الرسمى باسمه، ومنها ما ذكره فى 5 أبريل 2016 من أن هذه الأنباء عارية عن الصحة تمامًا، فمصر والرئيس السيسى لا يدخران جهدًا من أجل اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967”.
فهل تكذب بعض وسائل الإعلام الدولى الجانبين الفلسطينيين وتصدق الدعاية السوداء التى يبثها الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم؟.
ما يثار حول مواجهة الإرهاب فى مصر
تداولت بعض وسائل الإعلام الدولية مؤخرًا بعض التحليلات المغلوطة عن مواجهة ظاهرة الإرهاب الدموى فى مصر، وركزت فيها على قضيتين رئيسيتين:
الأولى: الحل السياسى للإرهاب
ونعنى به الربط غير المنطقى ولا المفهوم بين ما تشهده مصر من عمليات إرهاب أسود فى سيناء وخارجها، أودت بحياة وأصابت آلاف من المصريين، وبين ما تزعم أنه “حلولاً سياسية” لهذه الظاهرة الدموية، تدعى أن السلطات المصرية لم تقم بها، ويكفى هنا لتأكيد زيف هذه المزاعم طرح بعض التساؤلات على كل من يتبناها فى وسائل الإعلام الدولية:
منذ بدء ظاهرة الإرهاب الدولى مع تنظيم القاعدة فى تسعينيات القرن الماضى ثم مع ظهور تنظيم داعش، هل سبق لأية دولة فى العالم أن قبلت التفاوض مع هذه التنظيمات الإرهابية ومثيلاتها، أو أن طرحت وسائل الإعلام الدولى على حكوماتها أن تفتح لها مجالات العمل السياسى لكى تتوقف عن ممارساتها الإرهابية الدموية؟
فإن لم يكن هناك من سابقة واحدة فى العالم لهذا، وكان سبيل المواجهة الوحيد لهذه التنظيمات الإرهابية من كافة دول العالم وعلى رأسها الغربية منها هو السبل الأمنية والعسكرية وحدها، فلماذا يطلب البعض من مصر ما لم يقم به أحد من قبل؟
وألم تقم الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الديمقراطية الأكبر فى العالم، بغزو عسكرى لأفغانستان والعراق بذريعة مواجهة الإرهاب دون أى إجراءات سياسية مع حكومتى الدولتين؟
وأخيرًا، ألم تتوحد نحو 70 دولة من مختلف مناطق العالم منذ عام 2014 فى تحالف عسكرى محض لمواجهة تنظيم داعش، لا إجراء سياسى واحدًا فيه موجه للتحاور أو التفاوض مع هذا التنظيم الإرهابى؟.
الثانية: التعتيم الإعلامى
ويقصد به ما يدعيه البعض فى وسائل الإعلام الدولية بأن المعلومات المتاحة حتى الآن شحيحة بشأن العملية العسكرية “سيناء 2018″، مطالبين السلطات بإتاحة تفاصيل بشأن عدد القوات المشاركة وتسليحها والمدى الزمنى والجغرافى للعمليات.
كما انتقد البعض منع مراسلى الصحافة المصرية والأجنبية من الوصول لمناطق العمليات فى شمال سيناء لمتابعتها ميدانياً، ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى ترد فيها تلك الانتقادات، فهى قد تكررت مرات عديدة خلال الفترات الماضية منذ بدء المواجهة العسكرية والأمنية للإرهاب فى سيناء.
والحقيقة أنه من ناحية أولى، فيما يخص عملية “سيناء 2018″، فالدولة أعلنت فى بيانات رسمية عن بدء العمليات والهدف العام لها وتتابع ما يستجد فى بيانات رسمية تراعى المتطلبات الأمنية والعسكرية حفاظًا على حياة المقاتلين ونجاح العمليات وسلامة الصحفيين.
من ناحية ثانية، فإن هناك عددًا من مراسلى بعض الصحف ووسائل الإعلام المصرية والأجنبية مقيمين فى سيناء، يقومون بعملهم وفق الاعتبارات السابقة.
ومن ناحية ثالثة، فالمساحة المتاحة فى مناطق العمليات بسيناء فى ظل الاعتبارات السابقة، هى بلا شك أوسع مما تتيحه كثير من دول العالم الديمقراطية فى حالات الحروب، حيث لا تسمح بتغطية عملياتها إلا للمراسلين العسكريين الذين تدمجهم ضمن القوات المقاتلة ويخضعون لرقابة صارمة بحيث لا يبقى لهم إلا نشر البيانات الرسمية، وقد عوقب بعض الصحفيين والاعلاميين الذين انتهكوا هذه القيود الصارمة التى وضعتها تلك الدول، ومثال ما جرى أثناء الحربين الأمريكيتين فى العراق ليس ببعيد ولا يزال ماثلاً فى الذاكرة الصحفية والإعلامية العالمية.
الخسائر المدنية فى مكافحة الإرهاب
سعى الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم وتبعهم فى هذا بعض وسائل الإعلام الدولية، لترويج أكاذيب ومزاعم حول تأثر المدنيين فى سيناء وممتلكاتهم من عمليات مكافحة الإرهاب الجارية هناك وتدور حاليًا ضمن عملية “سيناء 2018″، والحقيقة أن هناك زاويتين لتوضيح زيف هذه المزاعم والأكاذيب:
الأولى: أنها تأتى ضمن حرب دعاية سياسية سوداء يشنها هؤلاء فى معركتهم اليائسة لاستهداف الدولة المصرية ونظامها السياسى الذى اختاره شعبها، وبالنسبة لوسائل الإعلام الدولية فإن ترديد هذه المزاعم يستلزم وجود أدلة كافية عليها، وهناك مئات الآلاف من المقيمين بسيناء من المصريين وغيرهم من العاملين والزائرين، يمكن لهذه الوسائل التأكد منهم من كذبها، كما أن وقوع وسائل الإعلام الدولية فى فخ الدعاية السوداء المشار إليها، بتوصيفها المصابين والقتلى من العناصر الإرهابية باعتبارهم “مدنيين”، إنما يخل من الناحية المهنية بالمعايير الواجب اتباعها فى تأكيد الصفات، كما أنه يتصادم مع حقيقة أن القانون الدولى والقوانين المحلية كافة لا تعطى الإرهابيين وتنظيماتهم الصفة العسكرية، فهم “مدنيون” خارجون عن القانون ينضمون ويقودون ميليشيات عسكرية لا شرعية لها.
الثانية: أن الرئيس السيسى حرص دومًا على تأكيد حقيقة أن القوات المسلحة المصرية وقوات إنفاذ القانون تلتزم باستمرار فى عمليات مكافحة الإرهاب فى سيناء وغيرها بالحفاظ على أرواح وممتلكات المدنيين وألا تتأثر بهذه العمليات، ومن بين هذه التصريحات ما جاء فى 11 يناير 2017 فى اجتماع للرئيس مع القيادات العليا للجيش والشرطة، إذ وجه بمواصلة خطط استهداف البؤر الإرهابية بأقصى درجات الحزم، مع الحفاظ فى الوقت ذاته على سلامة المدنيين فى مناطق الاشتباكات.
وفى 7 نوفمبر 2017 فى حواره مع شبكة CNBC الأمريكية، أعلن الرئيس أنه “خلال مواجهتنا لهذا الإرهاب نحرص على عدم الإضرار بأى شخص من المدنيين والأبرياء الذين ليس لهم ذنب فى هذه الحرب”.
وفى 19 يناير 2018 أعلن الرئيس أن الحرص على حياة المواطنين الأبرياء والمدنيين هو سبب طول مدة المواجهة ما بين الدولة والإرهابيين.
بينما تقوم بعض وسائل الإعلام الدولية بترديد وإبراز أكاذيب الإخوان وحلفائهم الإرهابيين والدولتين المساندتين لهم لتشويه الحرب النظيفة التى تخوضها مصر ضد المجموعات الإرهابية فى سيناء بحرص بالغ على المدنيين الأبرياء، نجد صمتًا أو همسًا خافتًا منها حول الفظائع التى يتعرض لها المدنيون فى سوريا والعراق من جراء هجمات التحالف الدولى لمواجهة داعش.
فتقديرات بعض المنظمات المتخصصة مثل منظمة “إيروارز” “Airwars” أن عدد القتلى من المدنيين الأبرياء فى البلدين خلال عام 2017 قد تراوح بين نحو 4000 و6000 قتيل إلى جانب عشرات الآلاف من الجرحى.