إعداد / الشيخ محمد خاطر مدير الدعوة بمديرية أوقاف الشرقية تعد الشائعات من الظواهر السيئة التي انتشرت في مجتمعنا وأصبحت كابوساً يهدد قيمنا وحياتنا،ولقد حذرنا الله من هذا الداء ونهانا عنه أشد النهي وحذر منه في كثير من الآيات ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾،وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول ” دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنَّهَا تَحْلِقُ الدِّينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكَ لَكُمْ: أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ “،كما توعد القرآن الكريم هؤلاء بالعذاب الأليم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾. إن المسلم العاقل يجب عليه أن يتثبت من المعلومات إذا سمعها ويتأكد من صحتها قبل نشرها يقول ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ . ويقول ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾،ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء كذباً أو إثماً أن يحدث بكل ما سمع”،وأعظم الإشاعات جرماً ما كان فيه انتهاك لحرمة مسلم أو تسبب في ترويعه وعدم استقراره أو بث لأخباره الخاصة وأسراره أو استهداف مباشر لشخصه فكل هذا إجرام كبير وخبث عظيم ونار حارقة تفسد البلاد والعباد وتقضي على الأخضر واليابس. ويتلخص واجب المسلم تجاه الشائعات التي يتعمد خبثاء ماكرون إشاعتها لغرض خبيث- في الأمور التالية: الأول: تقديم حسن الظن فالأصل هو حسن الظن بالمسلم مستور الحال حتى تغلبنا البينة على تحمل العكس، يقول الله -تعالى- في سياق حادثة الإفك: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث” (متفق عليه). الثاني: عدم تصديق الشائعة: وكيف نصدق من يشيع شائعة وقد سماه الله فاسقًا وإن كان صادقًا؛ فقال -عز من قائل-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) فقبل أن يأمرنا -عز وجل- بالتبين من كلامه سماه فاسقًا، لأنه حتى وإن كان صادقًا فقد وقع في جريمة الغيبة، وإن كان كاذبًا فهي النميمة، فهو في الحالين فاسق! الثالث: مطالبة مشيع الشائعة بالدليل: كما طالبهم به القرآن الكريم حين تكلموا في عرض العفيفة عائشة رضي الله عنها-: (لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) وكل كلمة من سوء تقال بلا دليل فهي شائعة مغرضة وزعم كاذب. الرابع: ألا نصغي إلى الشائعة: وقد نعى القرآن الكريم على اليهود أنهم: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) ،فلم يقل الله: “قائلون أو مرددون للكذب” بل ذمهم لمجرد إنصاتهم له! وإن لم يكن ذلك مستهجنًا من اليهود الذين هم قتلة الأنبياء، لكنه غريب ومحزن أن يقع من بعض المسلمين!. الخامس: ألا نردد الإشاعة وألا تجري على ألسنتنا: وهو توجيه الله لمن خاض فيما أشيع عن عائشة: (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) وكل مسلم موحد يوقن أنه: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
حفظ الله مصر وشعبها وقادتها وجيشها وأمنها من كل مكروه والله الموفق والمستعان.