كتب – أحمد محمد
قالت دار الإفتاء المصرية عبر البوابة الإلكترونية الخاصة بها: “إن هذا التصرف حرامٌ شرعًا، وفاعله آثم؛ لأنه من المقرر في المقاصد الشرعية أنه لا ضرر ولا ضرار، أي أنه لا يجوز للإنسان أن يضر نفسه ولا أن يسعى في إيصال الضرر لغيره؛ كما أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والمصلحة العامة مقدَّمة على المصلحة الخاصة”.
وأضافت الإفتاء إنه ليس للمزارع أن يتخلص من بقايا محاصيله بطريقة تَجُرُّ الضرر إلى الناس؛ حيث أثبتت الأبحاث العلمية الطبية أنّ الأطفال هم أكثر الفئات تأثُّرًا بِتلوُّث الهواء الذي تُسببه هذه الأفعال وغيرها؛ فيُصَابون بضيق التنفس، وأمراض الشُّعب الهوائيّة، وزيادة احتمال الإصابة بالرّبو، والتهابات العين، التي تسبّب عدم وضوح الرؤية، وخفْض مناعة الجسم، ومن أكبر مكوِّنات هذه السحابة غاز أول أكسيد الكربون الذي يسبب أضرارًا بخلايا المخ، ويؤثر في الدورة الدمويّة والجهاز العصبي، وعنصر الرصاص الذي يسبب أمراض الْكُلى، وزيادة التخلف العقْلي.
واوضحت “الدار” انه إذا كانت هذه الحرائق سببًا في كل هذه الأضرار الصحية كما أثبتته الأبحاث العلمية فإن القيام بها والتسبب فيها يُعَدُّ إفسادًا في الأرض وبغيًا بغير الحق، وهذا من الكبائر التي نص الله تعالى على تحريمها بل وقرنها بالشرك به في قوله سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33]، ونعى على من يفعل ذلك وبيَّن أن هذا العمل غير محبوب عنده سبحانه فقال عز وجل: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ۞ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [البقرة: 205-206]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60].
وأشارت دار الإفتاء إلى أن قد أمر الله تعالى بالتعمير والإصلاح لا بالتدمير والإفساد؛ فقال سبحانه: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، وعلَّمَنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم كيف نسعى في عمارة الأرض ونجعل هذا في نفسه غرضًا شريفًا لنا حتى ولو لم نلمس نتائجه؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ» رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وغيرهما.